إذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَوَكَّلَ الرَّاهِنُ بِالْوَكَالَةِ الْمُضَافَةِ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ أَوْ غَيْرَهُمَا لِأَجْلِ بَيْعِ الرَّهْنِ كَانَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً عَلَى مَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (١٤٥٩) . (الْخَانِيَّةُ) .
فَالْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَجَلَّةِ هِيَ الْوَكَالَةُ الْمُضَافَةُ. وَذِكْرُ صُورَةِ الْوَكَالَةِ فِي الْمَجَلَّةِ بِشَكْلِ الْوَكَالَةِ الْمُضَافَةِ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ بَيَانٌ لِلْحُكْمِ الْغَالِبِ. بِنَاءً عَلَيْهِ التَّوْكِيلُ بِالْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ أَيْضًا لِبَيْعِ الرَّهْنِ جَائِزٌ وَصَحِيحٌ. لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ هُوَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ شَاءَ لِبَيْعِ مَالِهِ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا (أَبُو السُّعُودِ) وَلِأَنَّهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (١١٩٢) كُلٌّ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ كَيْفَمَا يَشَاءُ وَلَكِنْ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْوَكَالَتَيْنِ مَثَلًا لِلْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ الْمُضَافَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ حِينَمَا يَحِلُّ وَقْتُ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ١٤٥٦) . .
وَلَكِنَّهُ إذَا وُكِّلَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ حِينَمَا يَحِلُّ وَقْتُ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَيْ إذَا وُكِّلَ بِالْبَيْعِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ بِالْوَكَالَةِ الْمُضَافَةِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْوَقْفِ أَيْضًا (الْخَانِيَّةُ) .
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ بِدُونِ حُكْمِ الْمَحْكَمَةِ أَيْضًا. وَمَتَى بَاعَهُ وَكَالَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَقُومُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَقَامَ الْمَرْهُونِ.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ أَهْلًا لِلْوَكَالَةِ وَقْتَ التَّوْكِيلِ كَمَا لَوْ كَانَ صَغِيرًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً رَاجِعْ الْمَوَادَّ (١٤٥٨ و ٩٥٧ و ٩٦٦) (الْفَيْضِيَّةُ) .
حَتَّى أَنَّهُ إذَا بَاعَ الصَّغِيرُ الْمَرْقُومُ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَيْضًا لَا يَصِحُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْأَمْرَ وَالْوَكَالَةَ بَطَلَا؛ بِسَبَبِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ مُقْتَدِرًا عَلَى الْبَيْعِ وَقْتَ الْأَمْرِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا تَنْقَلِبُ الْوَكَالَةُ إلَى الصِّحَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - بَيْعُ هَذَا الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ صَحِيحٌ. لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُقْتَدِرٌ عَلَى الْبَيْعِ وَقْتَ الِامْتِثَالِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا وَقْتَ التَّوْكِيلِ (أَبُو السُّعُودِ) . فَإِذَنْ مِنْ اللَّازِمِ إثْبَاتُ أَهْلِيَّةِ الْمَأْمُورِ لِلْوَكَالَةِ وَقْتَ التَّوْكِيلِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَوَقْتَ الِامْتِثَالِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ. وَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَقْدِ الْوَكَالَةِ الْمَذْكُورَةِ حِينَ عَقْدِ الرَّهْنِ يَجُوزُ أَيْضًا إجْرَاؤُهَا بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَيَكُونُ بَيْعُ الْوَكِيلِ الرَّهْنَ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْوَكَالَةِ صَحِيحٌ أَيْضًا. وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ بَيْعُ الرَّهْنِ بِدُونِ وَكَالَةٍ كَهَذِهِ مِنْ الرَّاهِنِ (اُنْظُرْ مَادَّتَيْ ٩٦ و ٣٦٥) وَحِينَمَا يَبِيعُ الرَّهْنَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِهِ وَيَقْبِضُ ثَمَنَهُ يَبْقَى الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ رَهْنًا فِي يَدِهِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَ وَهُوَ فِي يَدِ الْعَدْلِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٤١) " شَرْحُ الْمَجْمَعِ ".
كَمَا لَوْ هَلَكَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي أَيْ حَالَةِ كَوْنِهِ لَمْ يُقْبَضْ بَعْدُ بِوَفَاةِ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا فَإِنَّمَا يَهْلِكُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَسْقُطُ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ بِمُوجِبِ اللَّاحِقَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَإِذَا هَلَكَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَعْدَ بَيْعِ الْمَرْهُونِ يَسْقُطُ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا وَلَا تَسْقُطُ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْحَقِيقِيَّةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute