مَثَلًا إذَا اسْتَقْرَضَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ عِشْرِينَ ذَهَبًا وَرَهَنَ عِنْدَهُ مُقَابِلَ ذَلِكَ سَاعَةً وَمَعَ تَسْلِيمِهِ إيَّاهَا أَعْطَاهُ وَكَالَةً بِبَيْعِ السَّاعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مِنْ بَدَلِهَا فَيَبِيعُ الْمُرْتَهِنُ تِلْكَ السَّاعَةَ وَيَسْتَوْفِي دَيْنَهُ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: إنَّكَ لَمْ تُخْبِرْنِي أَوْ لَمْ تَأْخُذْ إعْلَامًا مِنْ الْمَحْكَمَةِ.
وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ دَوْرِيَّةً أَمْ غَيْرَ دَوْرِيَّةٍ. مَعَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَرْهُونُ عَقَارًا فَحَيْثُ إنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ تَابِعٌ لِبَعْضِ مُعَامَلَاتٍ رَسْمِيَّةٍ فَالْمُرْتَهِنُ الْحَائِزُ عَلَى وَكَالَةِ بَيْعِ الْمَرْهُونِ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُمْكِنُهُ بَيْعُ الْعَقَارِ مُسْتَقِلًّا وَالْأُصُولُ الْآتِيَةُ مَرْعِيَّةٌ الْيَوْمَ فِي بَيْعِهِ وَإِلَيْك الْبَيَانُ: يُرَاجِعُ الدَّائِنُونَ مَأْمُورِي التَّسْجِيلِ بِشَأْنِ بَيْعِ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ أَوْ الْأَمْلَاكِ الصِّرْفَةِ الَّتِي رُهِنَتْ بِسَنَدَاتِ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ وَبِطَرِيقِ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ وَالْوَكَالَةِ الدَّوْرِيَّةِ. وَيُبْرِزُ لَهُمْ السَّنَدَ الْخَاقَانَيَّ الْمُتَضَمِّنَ الْوَكَالَةَ وَالْبَيْعَ بِالْوَفَاءِ.
وَبِنَاءً عَلَى هَذَا يُخْبِرُ مَأْمُورُو التَّسْجِيلِ الْمَدِينَ بِالْكَيْفِيَّةِ تَحْرِيرًا فَإِذَا لَمْ يَفِ الْمَدِينُ دَيْنَهُ بِظَرْفِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ يَبِيعُ مَأْمُورُو التَّسْجِيلِ هَذَا الْعَقَارَ بِالْمُزَايَدَةِ وَيُؤَدُّونَ مَطْلُوبَ الدَّائِنِ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَكِنْ إذَا رَاجَعَ الرَّاهِنُ الْمَحْكَمَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ وَفَّى الدَّيْنَ سَابِقًا وَوَقَعَ إشْعَارٌ مِنْ الْمَحْكَمَةِ إلَى مَأْمُورِي التَّسْجِيلِ لِلُزُومِ تَأْخِيرِ مُعَامَلَاتِ الْبَيْعِ يُؤَخَّرُ أَمْرُ الْمُزَايَدَةِ انْتِظَارًا لِلْحُكْمِ الَّذِي يُصْدَرُ بِهَذَا الشَّأْنِ وَهَذِهِ الْمُعَامَلَةُ صَارَتْ مَرْعِيَّةَ الْإِجْرَاءِ بِنَاءً عَلَى الْإِرَادَةِ السَّنِيَّةِ الصَّادِرَةِ فِي ١ أَيْلُولَ سَنَةَ ١٣٠٦. وَفُهِمَ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْفَرَاغَ هَذَا مَخْصُوصٌ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَالْأَمْلَاكِ الصِّرْفَةِ وَأَمَّا إذَا جَرَى فَرَاغُ الْمُسَقَّفَاتِ وَالْمُسْتَغِلَّات الْوَقْفِيَّةُ وَفَاءً مُقَابِلَ الدَّيْنِ فَبَيْعُهَا لِأَجْلِ الدَّيْنِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى حُكْمِ الْمَحْكَمَةِ وَإِعْلَامِهَا وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ ذَاتِهِ يَعْنِي أَنَّ مَأْمُورَ التَّسْجِيلِ لَا يَسْمَحُ بِفَرَاغِ هَذَا الْوَكِيلِ (الشَّارِحُ)
. الْأَحْكَامُ الَّتِي يَتَّحِدُ وَيَفْتَرِقُ فِيهَا الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْعَارِي: يَفْتَرِقُ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عَنْ الْوَكِيلِ بِبَيْعِ الْأَمْوَالِ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى: يُجْبَرُ الْوَكِيلُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ عَلَى بَيْعِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (٧١٥) رَاجِعْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ. سَوَاءٌ اُشْتُرِطَتْ الْوَكَالَةُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَإِجْبَارُ الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ الَّتِي أُجْرِيَتْ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ إيضَاحُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. وَأَمَّا إذَا نَظَرْنَا لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَا إجْبَارَ فِي الْوَكَالَةِ الَّتِي بَعْدَ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا تَلْزَمُ بِسِرَايَةِ اللُّزُومِ مِنْ الرَّهْنِ إلَيْهَا فَإِذَا ثَبَتَ قَصْدًا يُعْطِي لَهُ حُكْمَ نَفْسِهِ وَهِيَ فِي نَفْسِهَا إعَانَةٌ وَالْمُعِيرُ لَا يُجْبَرُ وَهَذَا أَصَحُّ (الْكِفَايَةُ) وَلَكِنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ عَادَةً لَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ وَكِيلٌ بِبَيْعِهِ. لِأَنَّهُ حَيْثُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَبِيعَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمُوَكَّلِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إيفَاءِ لَوَازِمِ الْوَكَالَةِ وَأَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ مِنْهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٢٢) . أَمَّا الْمُدَّعِي فَلَا يَقْدِرُ عَلَى الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ وَالْمُرْتَهِنُ لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ (أَبُو السُّعُودِ) .
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ الرَّاهِنِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْعَارِي فَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٢١) .
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ لَا يَنْعَزِلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ الرَّاهِنِ وَأَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْعَارِي فَيَنْعَزِلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٢٧) . .
الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ: إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ الْمَرْهُونَ مُقَابِلَ ثَمَنٍ مُخَالِفٍ لِجِنْسِ الدَّيْنِ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute