للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا امْتَنَعَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ عَنْ بَيْعِ الرَّهْنِ أَوْ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ بِوَفَاةِ الْوَكِيلِ فَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ قَوْلَانِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إنْ كَانَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ فِي تَقْدِيرِ غِيَابِ الرَّاهِنِ أَوْ وَرَثَتِهِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. وَالْقَاضِي يُجْبِرُ الْعَدْلَ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) وَكَيْفِيَّةُ الْجَبْرِ تَحْصُلُ بِحَبْسِ الْحَاكِمِ الْوَكِيلَ بِضْعَةَ أَيَّامٍ. يَعْنِي عِنْدَ امْتِنَاعِ الْوَكِيلِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عَنْ الْبَيْعِ يُرَاجِعُ الْمُرْتَهِنُ الْحَاكِمَ. يَعْنِي عِنْدَمَا يُثْبِتُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ وَوَكَالَةَ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِالْبَيْعِ يُجْبِرُ الْحَاكِمُ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ. وَإِذَا امْتَنَعَ بَعْدَ هَذَا يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ (الْخَانِيَّةُ) .

الْقَوْلُ الثَّانِي: قَوْلُ الْإِمَامِ الْكَرْخِيِّ وَنَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بَلْ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُتَبَرِّعٌ وَالْمُتَبَرِّعُ لَا يُجْبَرُ خُصُوصًا إذَا كَانَ إجْبَارُ الْمُوَكِّلِ مُمْكِنًا.

وَحَيْثُ إنَّ الْمَجَلَّةَ صَرَّحَتْ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّهُ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ فَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ قَدْ قُبِلَ.

وَاذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِنَاءً عَلَى الْجَبْرِ الْوَاقِعِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَا يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا. يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ لَا يُقَاسَ عَلَى الْبَيْعِ الْمَبْحُوثِ عَنْهُ فِي الْمَادَّةِ (١٠٠٦) لِأَنَّ الْإِجْبَارَ فِي هَذَا بِحَقٍّ وَالْبَيْعُ الَّذِي يَقَعُ بِنَاءً عَلَى إجْبَارِ مُحِقٍّ مِثْلُ هَذَا لَا يَكُونُ بَيْعًا مُكْرَهًا وَهَذَا الْإِجْبَارُ هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَبِعْ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ وَأَوْفَى دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ مَالٍ مِنْ مَبْلَغٍ صَحَّ ذَلِكَ وَلَا يَبْقَى مَحِلٌّ لِإِجْبَارِهِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ. (عَيْنِيٌّ) .

وَإِذَا امْتَنَعَ الرَّاهِنُ أَيْضًا عَنْ بَيْعِ الرَّهْنِ يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ وَيُعْطِي ثَمَنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَبَيْعُ الْحَاكِمِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُرْتَهِنِ وَبِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٢٠) مِنْ الْمَجَلَّةِ الضَّرَرُ يُزَالُ - وَالْأُصُولُ الْمَرْعِيَّةُ فِي يَوْمِنَا هَذَا هِيَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَسْتَحْصِلُ مِنْ الْمَحْكَمَةِ إعْلَامًا بِتَحْصِيلِ الدَّيْنِ وَبَيْعِ الرَّهْنِ وَيُودِعُ هَذَا الْإِعْلَامَ إلَى دَائِرَةِ الْإِجْرَاء فَيُبَلَّغُ إخْبَارٌ إلَى الرَّاهِنِ بِلُزُومِ إيفَائِهِ الدَّيْنَ وَأَنْ سَيُبَاعُ الْمَرْهُونُ إذْ لَمْ يَفْعَلْ. وَيُوضَعُ الْمَرْهُونُ بَعْدَ هَذَا فِي الْمَزَادِ وَبَعْدَ أَنْ يَتَقَرَّرَ عَلَى أَحَدٍ يُبَلَّغُ إلَى الْمَدَّيْنِ مِنْ طَرَفِ دَائِرَةِ الْإِجْرَاءِ إنْذَارٌ آخَرُ يُخْبَرُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفِ الدَّيْنَ يُسَلَّمُ الْمَرْهُونُ إلَى الْمُشْتَرِي. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ يُسَلَّمْ الْمَرْهُونُ إلَى الْمُشْتَرِي وَيُؤْخَذْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ وَيُوَفَّى دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ فَأُقِيمَ الْإِنْذَارُ مَقَامَ الْإِجْبَارِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ.

وَإِذَا كَانَ الرَّاهِنُ أَوْ وَرَثَتُهُ فِي حَالٍ وَفَاتِهِ غَائِبِينَ وَلَمْ يُمْكِنْ إجْبَارُهُمْ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ بِحَبْسِهِ بِضْعَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ تَعَلَّقَ بِبَيْعِ الْمَرْهُونِ وَكَمَا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ غَيْرُ مُقْتَدِرٍ عَلَى الِادِّعَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ الْغَائِبِ فَلَيْسَ لَهُ صَلَاحِيَةٌ أَيْضًا بِبَيْعِ الرَّهْنِ (أَبُو السُّعُودِ وَالزَّيْلَعِيّ) .

فَعَلَى قَوْلِ إجْبَارُ الْوَكِيلِ مُطْلَقٌ. سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْوَكَالَةُ مَشْرُوطَةً بِالْعَقْدِ أَمْ عُقِدَتْ بَعْدَ تَمَامِ عَقْدِ الرَّهْنِ. وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ قَالَ: إنْ كَانَ التَّسْلِيطُ عَلَى الْبَيْعِ أَيْ الْوَكَالَةِ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الرَّهْنِ فَيُجْبَرُ الْوَكِيلُ وَأَمَّا إذَا أُجْرِيَتْ الْوَكَالَةُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ. وَإِنَّمَا إطْلَاقُ الْمَجَلَّةِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُخْتَارُ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ (أَبُو السُّعُودِ وَالْخَانِيَّةُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>