لِلْبَائِعِ وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ نَافِذًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْمُشْتَرِي. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٠ ١ ٩) وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ.
جُعْلُ اللُّقَطَةِ وَنَفَقَتُهَا: لَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَطْلُبَ جُعْلًا أَيْ أُجْرَةً مُقَابِلَ الْتِقَاطِهِ. سَوَاءٌ الْتَقَطَهَا مِنْ مَحِلٍّ قَرِيبٍ أَوْ مِنْ مَحِلٍّ بَعِيدٍ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهَا قَالَ: (إنِّي أَدْفَعُ كَذَا مَالًا لِمَنْ وَجَدَهَا وَسَلَّمَنِي إيَّاهَا) . وَيَكُونُ الْمُلْتَقِطُ مُتَبَرِّعًا فِي إنْفَاقِهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ قَاصِرَةٌ وَلَكِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الْإِنْفَاقِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَيَرْجِعُ بَعْدَهُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ. كَمَا لَوْ رَاجَعَ الْمُلْتَقِطُ الْحَاكِمَ قَائِلًا: إنَّ فِي يَدِهِ حَيَوَانًا لُقَطَةً وَطَلَبَ إذْنًا بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ لُقَطَةً فِي يَدِهِ يَأْمُرُ الْحَاكِمُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ وِلَايَةً عَلَى مَالِ الْغَائِبِ وَلِلْغَائِبِ فَائِدَةٌ فِي هَذَا الْإِنْفَاقِ (الْهِدَايَةُ) .
وَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ تُقَامُ عَلَى الْمُنْكِرِ وَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ إقَامَتِهَا وَلَكِنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لِأَجْلِ كَشْفِ الْحَالِ يَعْنِي لِكَيْ يَنْكَشِفَ أَمَامَ الْحَاكِمِ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَذْكُورَ لُقَطَةٌ. وَإِلَّا بِمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ لِأَجْلِ الْحُكْمِ فَالْخَصْمُ لَيْسَ بِلَازِمٍ حِينَ اسْتِمَاعِهَا (الْفَتْحُ) .
وَأَمَّا إذَا أَفَادَ الْمُلْتَقِطُ أَنْ لَيْسَ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَيَوَانَ لُقَطَةٌ يَقُولُ الْحَاكِمُ لِلْمُلْتَقِطِ بِحُضُورِ شُهُودٍ ثِقَاتٍ: (إنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي قَوْلِكَ فَأَنْفِقْ عَلَيْهِ) ، وَسَبَبُ إعْطَاءِ الْحَاكِمِ الْإِذْنَ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ بِهَذَا الْوَجْهِ الْحَذَرُ مِنْ لُزُومِ أَحَدِ الضَّرَرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمَرَ الْحَاكِمُ بِالْإِنْفَاقِ بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ وَمُطْلَقَةٍ فَعَلَى تَقْدِيرِ ظُهُورِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ مَغْصُوبًا يَتَقَرَّرُ عَلَى الْمَالِكِ الضَّمَانُ أَيْ لُزُومُ النَّفَقَةِ وَهَذَا ضَرَرٌ لِلْمَالِكِ. وَإِذَا لَمْ يَأْمُرْ بِالْإِنْفَاقِ فَبِصُورَةِ ظُهُورِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ لُقَطَةً وَأَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِإِنْفَاقِهِ وَمُتَضَرِّرًا مِنْ ذَلِكَ (الْعِنَايَةُ) .
صُورَةُ الْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ وَمَرْهُونِيَّةِ اللُّقَطَةِ مُقَابِلَ هَذَا الْمَصْرِفِ: لِيَكُنْ مَعْلُومًا نَظَرًا لِأَصَحِّ الرِّوَايَاتِ أَنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ بِالْإِنْفَاقِ فَقَطْ لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الرُّجُوعِ بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ إلَى صَاحِبِهِ أَخِيرًا؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ يَتَرَاوَحُ بَيْنَ الرُّجُوعِ وَالْحِسْبَةِ فَيَحْصُلُ الشَّكُّ بِجِهَةِ الْإِنْفَاقِ الْمَذْكُورِ. وَالْحَالُ أَنْ لَا دَيْنَ بِالشَّكِّ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٨) . .
فَإِذَا أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْحَاكِمِ فِي الصُّورَةِ الْمَشْرُوحَةِ يَأْخُذُ مَصْرِفَهُ مِنْ صَاحِبِ اللُّقَطَةِ. سَوَاءٌ أَأَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ مِنْ مَالِهِ أَمْ اسْتَدَانَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَأَنْفَقَ حَتَّى إذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ عَنْ إعْطَاءِ الْمَصْرِفِ الْمَذْكُورِ يَبِيعُ الْحَاكِمُ اللُّقَطَةَ الْمَذْكُورَةَ وَيُؤَدِّي مَصْرِفَهَا مِنْ ثَمَنِهَا وَيَرُدُّ الْبَقِيَّةَ إلَى صَاحِبِهَا. وَهَلَاكُ اللُّقَطَةِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ هَذَا الْمَصْرِفِ.
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ هَلَاكِهَا فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ لَا تَسْقُطُ النَّفَقَةُ الَّتِي صَرَفَهَا الْمُلْتَقِطُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ بَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَصْرِفِهِ هَذَا عَلَى صَاحِبِ اللُّقَطَةِ. وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ لِلْمُلْتَقِطِ حَقُّ إمْسَاكِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِهِ وَالِامْتِنَاعِ عَنْ تَسْلِيمِهَا لِصَاحِبِهَا لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ أَنْ أَمْسَكَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الرَّهْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي - (الْهِدَايَةِ وَالْغُرَرِ وَالْمُنْتَقَى وَرَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةِ وَالتَّبْيِينِ) .
وَإِنَّمَا نَظَرًا لِلْإِيضَاحَاتِ الَّتِي سَرَدَهَا والشرنبلالي:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute