للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي يَدِهِ فَالْمُنَاسِبُ أَيْضًا أَنْ يَضْمَنَ، وَلَكِنَّ صَاحِبَ الْفُصُولَيْنِ اعْتَرَضَ عَلَى الذَّخِيرَةِ بِثَلَاثَةِ وُجُوهٍ قَائِلًا: إنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا يَكُونَ ضَامِنًا. لِنُبَيِّنَ هَذِهِ الِاعْتِرَاضَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي مَعَ ذِكْرِ أَجْوِبَتِهَا اللَّازِمَةِ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: حَيْثُ إنَّ الْغَصْبَ عِبَارَةٌ عَنْ إزَالَةِ يَدِ الْمَالِكِ وَلَمَّا لَمْ تَكُنْ يَدُ مَالِكٍ وَأَزَالَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَا يَكُونُ غَصْبًا. فَنَقُولُ جَوَابًا عَلَى هَذَا: إنَّ الْحَالَ وَالْكَيْفِيَّةَ الَّتِي تُسَاوِي الْغَصْبَ فِي إزَالَةِ التَّصَرُّفِ تُعَدُّ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ حُكْمًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٩٠١) .

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَخْذُ الْمُسْتَوْدَعِ ذَلِكَ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ الضَّرَرِ بَلْ رُبَّمَا كَانَ بِقَصْدِ النَّفْعِ، جَوَابُهُ: لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْغَصْبِ بِالنِّيَّةِ. وَلِهَذَا إذَا أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ جَيْبِ السَّكْرَانِ كِيسَ دَرَاهِمِهِ حَتَّى لَا يَضِيعَ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ حِينَمَا يَزُولُ سُكْرُهُ وَيُفِيقُ يَكُونُ غَاصِبًا. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٢) .

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: تَرْكُ الْمَالِكِ الْمَالَ بَعْدَ رَدِّ الْمُسْتَوْدَعِ إيدَاعٌ ثَانٍ وَأَخْذُ الْمُسْتَوْدَعِ وَرَفْعُهُ أَيْضًا قَبُولٌ ضِمْنِيٌّ فَبِنَاءً عَلَيْهِ الظَّاهِرُ عَدَمُ تَرَتُّبِ الضَّمَانِ.

الْجَوَابُ: حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ رَدَّ صَرَاحَةً وَلِكَوْنِ الصَّرَاحَةِ أَقْوَى مِنْ الدَّلَالَةِ وَالضِّمْنِيَّاتِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الدَّلَالَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُوجَدُ فِيهِ الصَّرَاحَةُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (١٣) .

وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ الِاعْتِرَاضَاتِ الَّتِي وَجَّهَهَا صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ إلَى صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ غَيْرُ وَارِدَةٍ فَبَقِيَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَوْلُ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ (اللَّائِقُ لُزُومُ الضَّمَانِ) سَالِمًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ.

كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ شَخْصٌ مَتَاعًا فِي بَيْتِ شَخْصٍ آخَرَ بِلَا أَمْرٍ وَفُقِدَ لِعَدَمِ مُحَافَظَةِ الشَّخْصِ الْآخَرِ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُحَافَظَةَ وَلَا لُزُومَ بِدُونِ الْتِزَامٍ.

وَإِنَّمَا إذَا رَمَاهُ الشَّخْصُ الْآخَرُ الْمَذْكُورُ خَارِجَ الْبَيْتِ وَفُقِدَ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ اسْتِهْلَاكٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩١٢) .

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفِقْرَةِ (كَمَا سَقَطَ مَالٌ شَخْصٍ بِهُبُوبِ الرِّيحِ. ..) الْمُنْدَرِجَةِ فِي الْمَادَّةِ (٧٦٢) وَبَيْنَ هَذِهِ ظَاهِرٌ.

فَفِي الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُوجَدُ إحَالَةٌ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ وَأَمَّا هُنَا وَإِنْ كَانَتْ إحَالَةُ صَاحِبِ الْمَالِ قَصْدًا مَوْجُودَةً فَقَبُولُ الْآخَرِ غَيْرُ مَوْجُودٍ. وَبِلَا قَبُولٍ لَا يَحْصُلُ إجْبَارٌ عَلَى الْمُحَافَظَةِ.

وَلَكِنْ إذَا أَدْخَلَ رَجُلٌ دَابَّتَهُ إلَى دَارِ غَيْرِهِ وَأَخْرَجَهَا صَاحِبُ الدَّارِ مِنْ دَارِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ مُضِرَّةٌ لِلدَّارِ. وَأَمَّا إذَا وُجِدَتْ دَابَّةُ الْغَيْرِ فِي إصْطَبْلِهِ وَأَخْرَجَهَا صَاحِبُهَا وَفُقِدَتْ فَيَكُونُ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

٢ - وَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَ شَخْصٌ خَانًا وَسَأَلَ صَاحِبَهُ أَيْنَ يَرْبِطُ حَيَوَانَهُ؟ فَأَرَاهُ مَحِلًّا فَرَبَطَهُ فِيهِ يَنْعَقِدُ الْإِيدَاعُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ دَلَالَةً قَوْلِيَّةً وَيَكُونُ صَاحِبُ الْخَانِ مُسْتَوْدَعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . حَتَّى أَنَّهُ إذَا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ وَلَمْ يَجِدْ الْحَيَوَانَ فِي مَحِلِّهِ وَسَأَلَ صَاحِبَ الْخَانِ فَأَجَابَهُ أَنَّ رَفِيقَك أَخَذَهُ لِيَسْقِيَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَفِيقٌ فَيَكُونُ صَاحِبُ الْخَانِ قَصَّرَ فِي الْمُحَافَظَةِ. يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ الرَّجُلَ حِينَمَا رَآهُ آخِذًا الْحَيَوَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَصِيرُ ضَامِنًا

<<  <  ج: ص:  >  >>