للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَفَادُ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ مِنْ ذِكْرِ عَدَمِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ.

الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - وَإِنْ شَرَطَ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ بِصُورَةِ هَلَاكِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٨٣) .

الْحُكْمُ الثَّانِي - إذَا فُقِدَتْ الْوَدِيعَةُ وَحْدَهَا يَعْنِي بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُسْتَوْدَعِ مَعَهَا وَقِيلَ مَثَلًا: لَوْ سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ لَسُرِقَ مَالُ الْمُسْتَوْدَعِ مَعَهَا فَمَا دَامَ أَنَّ مَالَ الْمُسْتَوْدَعِ لَمْ يُسْرَقْ فَالْوَدِيعَةُ أَيْضًا لَمْ تُسْرَقْ فَلَا يُتَّهَمُ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَا يُحْكَمُ بِالضَّمَانِ بِأَقَاوِيلَ كَهَذِهِ.

الْحُكْمُ الثَّالِثُ - سَوَاءٌ أَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ الْوَدِيعَةُ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ أَوْ غَيْرِ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

(اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٦٠٨) . (الْبَحْرُ) .

بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: إنَّ الْوَدِيعَةَ فُقِدَتْ وَلَا أَعْلَمُ كَيْفَ فُقِدَتْ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَمِينٌ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: وَضَعْت الْوَدِيعَةَ بِجَانِبِي ثُمَّ نَسِيت وَقُمْت فَحَيْثُ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ عَلَى التَّقْصِيرِ بِالْمُحَافَظَةِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

إلَّا أَنَّهُ إذَا أَوْدَعَ مَالًا بِالْأُجْرَةِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ فَفِي صُورَةِ هَلَاكِهِ أَوْ فِقْدَانِهِ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ كَالسَّرِقَةِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَلَكِنْ إذَا هَلَكَتْ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

وَيَظْهَرُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُودِعُ - وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَالَ غَيْرِهِ - أُجْرَةً مُقَابِلَ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ لِلْمُسْتَوْدَعِ صَحَّ ذَلِكَ وَلَزِمَ عَلَى الْمُودِعِ إعْطَاءُ تِلْكَ الْأُجْرَةِ وَتَكُونُ مِنْ قَبِيلِ إجَارَةِ الْآدَمِيِّ.

حَتَّى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا أَوْدَعَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَاشْتَرَطَ أُجْرَةً مُقَابِلَ الْحِفْظِ صَحَّ ذَلِكَ وَلَزِمَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْغَاصِبِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ: سُؤَالٌ - ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٠٧) أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِيَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذُكِرَ أَيْضًا أَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الضَّمَانِ بِفِقْرَةِ (إذَا حَبَسَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهَلَكَ الْمَالُ بِيَدِهِ) فِي الْمَادَّةِ (٤٨٢) هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامَانِ: إنَّهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالْمَسَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِعَدَمِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ فِي الْمَجَلَّةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ قَوْلُهُ: يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَمُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ يَعْنِي يُظَنُّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ السَّالِفَ الْبَيَانِ جَارٍ فِي الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأَجِيرِ أَيْضًا وَقَدْ ذُكِرَ جَرَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي هَذَا أَيْضًا فِي الزَّيْلَعِيّ وَالْهِدَايَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. يَعْنِي ذُكِرَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٠٧) يَجْرِي أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ إيدَاعِ مَالٍ لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِأُجْرَةٍ وَهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ. فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَا أَنَّ الْمَسَائِلَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِعَدَمِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ الْمَذْكُورَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيَكُونُ قَبْلَ مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ اُخْتِيرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>