للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَذْهَبَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ.

الْجَوَابُ - أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لَيْسَ جَارِيًا فِي الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ فَالْمُسْتَوْدَعُ بِالْأُجْرَةِ يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي تَهْلِكُ بِشَيْءٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُسْتَوْدَعِ بِالْأَجْرِ هُوَ هَذَا.

وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ الْعَمَلُ وَحِفْظُ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ وَاجِبٌ تَبَعًا. وَمَا فِي الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ فَالْحِفْظُ مَقْصُودٌ وَوَاجِبٌ مُقَابِلَ بَدَلٍ. وَلِذَلِكَ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا بِالِاتِّفَاقِ.

بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا دَخَلَ رَجُلٌ حَمَّامًا وَتَرَكَ ثِيَابَهُ عِنْدَ النَّاطُورِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ شَرَطَ لَهُ أُجْرَةً لِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ الشَّخْصُ الَّذِي دَخَلَ الْحَمَّامَ سَيُعْطِي أُجْرَةً لِصَاحِبِهِ فَهَذِهِ الْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَةِ انْتِفَاعِهِ بِالْحَمَّامِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ مُحَافَظَةِ الثِّيَابِ.

أَمْثِلَةٌ عَلَى عَدَمِ مَضْمُونِيَّةِ الْوَدِيعَةِ:

الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: إذَا وَقَعَتْ السَّاعَةُ الْمُودَعَةُ مِنْ يَدِ شَخْصٍ قَضَاءً يَعْنِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَانْكَسَرَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

الْمِثَالُ الثَّانِي: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا وَقَفَلَ الْمَحِلَّ الْمَذْكُورَ وَأَعْطَى الْمِفْتَاحَ إلَى شَخْصٍ وَبَعْدَ أَنْ ذَهَبَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لَمْ يَجِدْ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ حُضُورِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

يَعْنِي أَنَّ إعْطَاءَ مِفْتَاحِ الْمَحِلِّ الَّذِي حُفِظَتْ الْوَدِيعَةُ فِيهِ إلَى الْغَيْرِ لَا يُعَدُّ تَعَدِّيًا أَوْ تَقْصِيرًا.

الْمِثَالُ الثَّالِثُ: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي صُنْدُوقٍ ثُمَّ وَضَعَ عَلَى الصُّنْدُوقِ إنَاءَ مَاءٍ فَتَقَاطَرَ وَأَفْسَدَ الْوَدِيعَةَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ فُقِدَتْ بِصُنْعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَتَعَدِّيهِ أَوْ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ لَزِمَ الضَّمَانُ. كَمَا صَرَّحَ فِي الْمَادَّةِ (٧٨٧) . مَثَلًا لَوْ وَطِئَ الْمُسْتَوْدَعُ السَّاعَةَ بِقَدَمِهِ أَوْ وَقَعَ عَلَى السَّاعَةِ شَيْءٌ قَضَاءً وَانْكَسَرَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حَصَلَ التَّعَدِّي. وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ وَطِئَ يَعْنِي مِنْ إسْنَادِ فِعْلِ التَّعَدِّي إلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَنَّ لُزُومَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ يَكُونُ فِي صُورَةِ إيقَاعِ الْمُسْتَوْدَعِ التَّعَدِّيَ وَأَمَّا إذَا تَعَدَّى عَلَى الْوَدِيعَةِ غَيْرُ الْمُسْتَوْدَعِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتَعَدِّي فَقَطْ وَصُرِّحَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَادَّةِ (٧٧٨) .

وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ - أَنَّ فِقْرَةَ (وَأَمَّا إذَا وَطِئَ السَّاعَةَ. .. إلَخْ) مُحْتَرَزٌ عَنْهَا بِقَيْدِ (بِدُونِ صُنْعِهِ وَتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ) وَمَعَ أَنَّ مُدَّةَ الْمُحْتَرَزِ عَنْهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (٧٨٧) .

١ - سُؤَالٌ - مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا وَقَعَتْ السَّاعَةُ قَضَاءً وَانْكَسَرَتْ وَأَمَّا إذَا وَطِئَهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِقَدَمِهِ يَلْزَمُهُ فَمَا هُوَ الْفَرْقُ فِي اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؟ الْجَوَابُ: الْمُسْتَوْدَعُ مَأْذُونٌ بِإِمْسَاكِ السَّاعَةِ وَحِفْظِهَا يَعْنِي أَنَّ الْإِمْسَاكَ حِفْظٌ أَيْضًا وَحَيْثُ إنَّ هَلَاكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>