للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِهِ أَوْ ضَيَاعِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٧٧٧) لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَمِينِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ إذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ فُقِدَتْ بِيَدِ الْأَمِينِ الْمَذْكُورِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّتَيْنِ (٩١ و ٧٧٧) .

مَثَلًا إذَا غَسَلَ غَسَّالٌ الثِّيَابَ وَعَلَّقَهَا فِي دُكَّانِهِ ثُمَّ تَرَكَ ابْنَ أَخِيهِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَذَهَبَ فَسُرِقَتْ الثِّيَابُ مِنْ الدُّكَّانِ حِينَمَا نَزَلَ مَثَلًا ابْنُ الْأَخِ إلَى سِرْدَابِ الدُّكَّانِ فَإِنْ كَانَ ابْنُ الْأَخِ أَجِيرَ الْغَسَّالِ وَتِلْمِيذَهُ وَكَانَ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا مَأْذُونًا يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَتْ الثِّيَابُ فِي حَالَةِ أَنَّهَا تُرَى مِنْ السِّرْدَابِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ وَلَا عَلَى الْغَسَّالِ. وَعَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَسَّالِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ حَفِظَ الثِّيَابَ بِأَمِينِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ وَبِأَمِينِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ نَظَرًا لِلْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ كَمَا أَنَّ عَدَمَ تَرَتُّبِ الضَّمَانِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ نَشَأَ عَنْ أَنَّهُ يَرَى الثِّيَابَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ وَلَمْ يَتْرُكْ الْحِفْظَ. وَإِذَا كَانَتْ الثِّيَابُ لَا تُرَى مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَسَّالِ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ لَا يُؤَاخَذُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ وَتَضْيِيعِ الْوَدِيعَةِ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) وَقَدْ مَرَّ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٧٦) .

اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَمِينِ وَالْقَوْلُ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ: هَلْ إنَّ وُجُودَ هَذَا الْأَمِينِ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ شَرْطُ؟ .

بَيَانِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ وُجُودَ هَذَا الْأَمِينِ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ فِي مَنْزِلَةِ عِيَالِهِ شَرْطٌ.

مِثَالٌ عَلَى الِابْنِ فِي عِيَالِ أَبِيهِ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ ابْنِهِ الْأَمِينِ الْبَالِغِ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ الْمَوْجُودِ فِي عِيَالِهِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ ابْنَهُ الْمَوْجُودَ فِي عِيَالِهِ وَالْغَائِبَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَيَّنَ الْبَلَدَ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَادَّعَى ابْنُهُ أَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَى ذَاكَ الشَّخْصِ الْحَاضِرِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ أَعْطَاهَا الِابْنَ الْمَرْقُومَ لِذَاكَ الشَّخْصِ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ.

وَكَأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَجْعَلُ الِابْنَ الْمَرْقُومَ مَحِلَّهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) .

وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ أَعْطَى الْوَدِيعَةَ أَمِينَهُ ابْنَهُ ذَاكَ الْمَوْجُودَ فِي عِيَالِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الِابْنُ تُوُفِّيَ وَكَانَ الْأَبُ وَارِثًا لَهُ تُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ.

مِثَالٌ عَلَى مَنْزِلَةِ عِيَالٍ: إذَا آجَرَ شَخْصٌ غُرْفَةً مِنْ غُرَفِ بَيْتِهِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَ الْوَدِيعَةَ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ يُنْظَرُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ مَفَاتِيحُ عَلَى حِدَةٍ وَكَانَ يَدْخُلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِلَا مَانِعٍ إلَى مَحِلِّ إقَامَةِ الْآخَرِ كَانَ الضَّمَانُ غَيْرَ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَأْجِرَ فِي مَنْزِلَةِ عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ.

وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِفْتَاحٌ عَلَى حِدَةٍ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَأْجِرَ لَيْسَ فِي عِيَالِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا فِي مَنْزِلَةِ عِيَالِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَنَظَرًا لِقَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ: هَذَا إذَا دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ لِشَخْصٍ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ عِنْدَ هَلَاكِهَا وَإِنْ كَانَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ أَمِينَهُ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٢٧٢) بِخُصُوصِ تَعْرِيفِ الْعِيَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>