للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَيْطَارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٦١٠) وَشَرْحَهَا. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا الْبَيْطَارَ. فَإِنْ كَانَ الْبَيْطَارُ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ هُوَ مَالُ غَيْرِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَإِلَّا فَلَا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٦٥٨) وَشَرْحَهَا. غَيْرَ أَنَّهُ نَظَرًا لِبَيَانِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يَرْجِعُ الْبَيْطَارُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَالِمًا بِأَنَّ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ مَالُ غَيْرِهِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ. وَإِنَّمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ أَمَرَ بِمُعَالَجَةِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّهُ لَيْسَ مَالَهُ فَعَالَجَهُ الْبَيْطَارُ وَهَلَكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَلَا يَخْلُصُ الْمُسْتَوْدَعُ مِنْ الضَّمَانِ بِوَضْعِهِ، مِثْلُ الْوَدِيعَةِ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا مَحِلَّهَا يَعْنِي أَنَّهُ إذَا صَرَفَ الْمُسْتَوْدَعُ النُّقُودَ الَّتِي هِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَبَعْدَ أَنْ وَضَعَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ ضَاعَتْ النُّقُودُ الَّتِي وَضَعَهَا مَحِلَّهَا بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ لَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ الَّتِي وَضَعَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا تُحْسَبُ لِلْوَدِيعَةِ مَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُودِعُ (الْبَحْرُ) . وَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا وَقَابِضًا يَعْنِي مُسَلِّمًا وَمُتَسَلِّمًا فِي آنٍ وَاحِدٍ.

أَلَمْ يُرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ رَجُلٌ مَدِينًا لِرَجُلٍ آخَرَ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ قَرْضًا فَأَفْرَزَهَا وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ وَهُوَ يَحْفَظُهَا لِكَيْ يُعْطِيَهَا لَكِنَّهُ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ خَسَارَتُهَا تَعُودُ عَلَيْهِ. وَنَظِيرُ هَذِهِ كَمَا لَوْ أَلْقَى الْمَدِينُ فِي الْمَاءِ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَحْضَرَهَا كَيْ يُعْطِيَهَا دَائِنَهُ بِأَمْرِ الدَّائِنِ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا لَا يَصِيرُ الْمَدِينُ بَرِيئًا مِنْ الدَّيْنِ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٥) .

وَكَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ نِصْفَ نُقُودِ الْأَمَانَةِ مَثَلًا وَجَلَبَ بَدَلًا مِنْهَا نُقُودًا مِنْ مَالِهِ وَمِنْ جِنْسِ الْبَاقِي وَضَمَّهَا إلَى النُّقُودِ الْبَاقِيَةِ يَعْنِي خَلَطَهَا بِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ مَعَهَا تَمْيِيزُهَا عَنْهَا ثُمَّ ضَاعَتْ كُلُّهَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ. يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ بِسَبَبِ الِاسْتِهْلَاكِ وَيَضْمَنُ الْبَاقِيَ لِسَبَبِ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ خَلْطَ مَالِ غَيْرِهِ مَعَ مَالِ نَفْسِهِ يُعَدُّ اسْتِهْلَاكًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٧٨٨) .

خُلَاصَةُ الْكَلَامِ: أَنَّهُ يَجْرِي حُكْمُ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَضَعُ مَحِلَّ الْمِقْدَارِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا وَمِنْ مَالِهِ وَيَخْلِطُهُ بِالْبَاقِي. وَلَكِنْ إذَا وَضَعَ عَلَامَةً عَلَى النُّقُودِ الَّتِي وَضَعَهَا مِنْ مَالِهِ وَكَانَ تَمْيِيزُهَا بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ مُمْكِنًا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مِقْدَارِ مَا اسْتَهْلَكَهُ فَقَطْ.

وَكَذَلِكَ إذَا رَكِبَ الْمُسْتَوْدَعُ الْحَيَوَانَ الْمُودَعَ عِنْدَهُ بِلَا إذْنٍ فَهَلَكَ وَهُوَ ذَاهِبٌ سَوَاءٌ أَكَانَ بِسَبَبِ سُرْعَةِ السَّيْرِ أَمْ بِسَبَبٍ آخَرَ أَمْ بِلَا سَبَبٍ أَمْ سُرِقَ فِي الطَّرِيقِ سَيَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا ذَلِكَ الْحَيَوَانَ؛ لِأَنَّ رُكُوبَ الْمُسْتَوْدَعِ الْحَيَوَانَ بِلَا إذْنٍ يُعَدُّ تَعَدِّيًا فَضَمَانُهُ وَاجِبٌ فِي حَالَةِ هَلَاكِهِ بِأَيِّ صُورَةٍ كَانَتْ أَثْنَاءَ وُقُوعِ ذَلِكَ التَّعَدِّي.

إيضَاحُ قُيُودِ الْمِثَالِ الثَّانِي:

١ - (الْحَيَوَانُ) هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَإِذَا ارْتَدَى الْمُسْتَوْدَعُ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ وَضَاعَ أَثْنَاءَ اسْتِعْمَالِهِ يَضْمَنُهُ. كَمَا لَوْ وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الصَّحْنَ الْمُودَعَ عَلَى كُوبِهِ فَوَقَعَ وَانْكَسَرَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَضْعُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ لَزِمَ الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِذَا كَانَ فِي الْكُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>