للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ كَاسْتِهْلَاكِ الْمُسْتَوْدَعِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذَهَبًا مِنْ الْخَمْسِينَ ذَهَبًا الْمُودَعَةِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّبْعِيضُ مُضِرًّا لِلْوَدِيعَةِ وَاسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْضَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ هَلْ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْوَدِيعَةِ وَالْمِقْدَارَ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ مَعَ نُقْصَانِ مَا تَبَقَّى؟ هَذَا مَا يَجِبُ تَدْقِيقُهُ.

وَيُمْكِنُ إعْطَاءُ الْجَوَابِ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ بِالْوَجْهِ الْآتِي تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (٩٠٠) : فَإِنْ كَانَ نُقْصَانُ الْبَاقِي دُونَ رُبْعِ قِيمَتِهِ يَضْمَنُ تَمَامَ مَا اسْتَهْلَكَهُ مَعَ نُقْصَانِ الْبَاقِي أَيْضًا وَأَمَّا إنْ كَانَ بَالِغًا رُبْعَ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَالْمُودِعُ بِالْخِيَارِ كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَشَرْحِهَا.

(الْأَحْكَامُ فِي حَقِّ ادِّعَاءِ الْمُسْتَوْدَعِ بِأَنَّ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ بِتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ كَانَ بِأَمْرِ الْمُودِعِ) .

إذَا ادَّعَى الْمُسْتَهْلِكُ أَنَّ اسْتِهْلَاكَ النُّقُودِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ الْأُخْرَى بِصَرْفِهِ إيَّاهَا فِي أُمُورِهِ بِالذَّاتِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَانَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُودِعُ بِهَذَا الْإِذْنِ فِيهَا وَاذَا أَنْكَرَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ فَإِنْ أَثْبَتَ فِيهَا أَيْضًا. وَإِلَّا يَحْلِفُ الْمُودِعُ الْيَمِينَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٧٦) . فَإِنْ حَلَفَ الْمُودِعُ يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (١٦٣٢) . تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ. وَقَدْ مَرَّ هَذَا الْبَحْثُ آنِفًا.

إيضَاحُ قُيُودِ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ.

جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (فِي أُمُورِهِ) هَذَا الْقَيْدُ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَوْفَى الْمُسْتَوْدَعُ بِنُقُودِ الْوَدِيعَةِ دَيْنَ الْمُودِعِ الْمُمَاثِلَ لِلْوَدِيعَةِ بِلَا أَمْرٍ يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُجِزْ الْمُودِعُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٩٣) . وَعَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ تِلْكَ النُّقُودَ مِنْ الدَّائِنِ. إنَّمَا لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لِمَنْ لَهُ النَّفَقَةُ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي الْمَادَّةِ (٧٩٩) .

(إذَا اسْتَهْلَكَهَا بِصَرْفِهِ إيَّاهَا) . لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُسْتَوْدَعُ النُّقُودَ الْمُودَعَةَ كَيْ يَصْرِفَهَا فِي أُمُورِهِ وَبَعْدَ أَنْ وَضَعَهَا فِي مَحِلِّهَا أَيْ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا وَضَاعَتْ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مُجَرَّدٌ قُصِدَ لِإِجْرَاءِ التَّعَدِّي فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الثَّانِيَةِ.

مَثَلًا لَوْ نَوَى شَخْصٌ غَصْبَ مَالَ شَخْصٍ آخَرَ وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ بِيَدِ صَاحِبِهِ دُونَ أَنْ يَحْصُلَ الْغَصْبُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي نَوَى لِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الضَّمَانُ لَازِمٌ فِي صُورَةِ أَخْذِ الْوَدِيعَةِ لِأَجْلِ صَرْفِهَا وَإِعَادَتِهَا قَبْلَ وُقُوعِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ بِصُورَةِ التَّعَدِّي (الْبَدَائِعُ) .

كَمَا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُسْتَوْدَعُ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ الْمُودَعَةِ بِقَصْدِ أَنْ يَصْرِفَهَا وَأَعَادَهَا إلَى مَحِلِّهَا يَعْنِي أَنَّهُ خَلَطَهَا مَعَ نُقُودِ وَدِيعَةٍ أُخْرَى قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ (حَاشِيَةُ الْأَشْبَاهِ يَبْرِي زَادَهْ عَنْ النِّهَايَةِ) .

(أَوْ إذَا اسْتَهْلَكَهَا بِغَيْرِهِ) . عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الْمُودِعُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا الْمُسْتَوْدَعَ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى أَوْ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا الْمُسْتَهْلِكَ.

مَثَلًا إذَا أَصَابَ الْحَيَوَانُ الْمُودَعَ مَرَضٌ وَعَالَجَهُ الْمُسْتَوْدَعُ بِوَاسِطَةِ بَيْطَارٍ فَهَلَكَ الْحَيَوَانُ بِسَبَبِ الْمُعَالَجَةِ يَكُونُ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْمُسْتَوْدَعَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ تَعَدَّى بِإِتْيَانِهِ عَمَلًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>