للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَامِنًا وَهَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٠٥) . (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

٥ - جَاءَ (الْجُحُودُ تِجَاهَ الْمُودِعِ أَوْ وَكِيلِهِ) . لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ غَيْرُ الْمُودِعِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ ثُمَّ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِنْكَارَ هُوَ لِأَجْلِ مَنْعِ مَقْصِدٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ لِلسَّائِلِ كَأَنْ يُفَكِّرَ فِي أَخْذِ الْوَدِيعَةِ جَبْرًا فَهُوَ حِفْظٌ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الْإِيدَاعِ عَلَى السِّتْرِ وَالْإِخْفَاءِ وَالْإِنْكَارُ تِجَاهَ الْمَالِكِ عُرْفًا وَعَادَةً مِنْ قَبِيلِ الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ.

٦ - (إذَا لَمْ يُحْضِرْ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ الْجُحُودِ) لِأَنَّهُ إذَا أَحْضَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ الْجُحُودِ يَعْنِي هَيَّأَهَا لِيُعْطِيَهَا الْمُودِعَ فَقَالَ لَهُ الْمُودِعُ: دَعْهَا تَبْقَى وَدِيعَةً يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ الْإِحْضَارُ الْمَذْكُورُ بِدَرَجَةِ أَنْ يُعَدَّ الْمُودِعُ قَابِضًا لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ؛ لَانَ هَذَا إيدَاعٌ جَدِيدٌ، إنْ لَمْ يَكُنْ إحْضَارُ الْمَذْكُورِ بِدَرَجَةِ أَنْ يَصِيرَ الْمُودِعُ مَعَهُ قَابِضًا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ وَالْإِعَادَةَ لَمْ يَتِمَّا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الْقِسْمُ الثَّانِي: الْأَمَانَاتُ الَّتِي نَفْعُ وَضْعِ يَدِ الشَّخْصِ الَّذِي اتَّخَذَ أَمِينًا عَلَيْهَا وَفَائِدَةُ عَمَلِهِ يَعُودَانِ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ غَيْرَ أَنْ لَا تَقُومَ يَدُ الْأَمِينِ مَقَامَ يَدِ الْمَالِكِ بَلْ لِلْأَمِينِ نَفْعٌ فِيهَا وَمَأْمُورِيَّةُ الْأَمِينِ لِلْحِفْظِ لَيْسَتْ بِالْمَعْقُودِ الْأَصْلِيِّ بَلْ إنَّهَا تَبَعٌ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَفِي هَذِهِ الْأَمَانَاتِ لَا يَبْرَأُ الْأَمِينُ مِنْ الضَّمَانِ بِعَوْدَتِهِ إلَى الْوَفَاءِ بَعْدَ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الضَّمَانِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ بِسَبَبِ التَّعَدِّي تَحْصُلُ بِرَدِّ الْأَمَانَةِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدِ صَاحِبِهَا فَكَمَا أَنَّ مُجَرَّدَ تَرْكِ التَّعَدِّي لَيْسَ إعَادَةً حَقِيقِيَّةً نَظَرًا لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَعَمَلَهُمَا إنَّمَا هُوَ لِنَفْسِهِمَا لَا تَحْصُلُ الْإِعَادَةُ حُكْمًا أَيْضًا. مَثَلًا الْمُسْتَأْجِرُ يَحْفَظُ الْمَأْجُورَ وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَالِكٌ لِمَنْفَعَتِهِ فَحِفْظُهُ كَانَ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ لِأَجْلِ فَائِدَةِ ذَاتِهِ (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ فِي الْإِجَارَة) .

وَكَمَا أَنَّ صُورَةَ تَفَرُّعِ الْمَأْجُورِ عَلَى هَذِهِ الضَّابِطَةِ أُوضِحَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٥٤٥) فَإِيضَاحُ كَيْفِيَّةِ تَفَرُّعِ الْمُسْتَعَارِ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨١٤) .

مَثَلًا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ النُّقُودَ الْمُودَعَةَ عِنْدَهُ بِصَرْفِهِ إيَّاهَا فِي أُمُورِ ذَاتِهِ أَوْ فِي أُمُورِ الْمُودَعِ بِلَا أَمْرِ الْمُودِعِ أَوْ أَعْطَاهَا رَجُلًا آخَرَ فَاسْتَهْلَكَهَا هَذَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ تَعَدٍّ.

اسْتِهْلَاكُ بَعْضِ الْوَدِيعَةِ: إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ صَرَفَ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ الْمَذْكُورَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فِي تَعَيُّنِ الْمِقْدَارِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَثِيرًا لِلْمُسْتَوْدَعِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٨) .

وَإِذَا اسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ نِصْفَ الْوَدِيعَةِ مَثَلًا ثُمَّ هَلَكَ النِّصْفُ الْآخَرُ بِيَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَضْمَنُ النِّصْفَ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ وَلَا يَضْمَنُ النِّصْفَ الْآخَرَ؛ لِأَنَّ تَعَدِّيَ الْمُسْتَوْدَعِ وَقَعَ عَلَى النِّصْفِ فَقَطْ وَالضَّمَانَ عَلَى مِقْدَارِ الْجِنَايَةِ.

غَيْرَ أَنَّهُ يَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ يَعْنِي ضَمَانَ النِّصْفِ فَقَطْ عِنْدَ اسْتِهْلَاكِ نِصْفِ الْوَدِيعَةِ فِي تَقْدِيرِ عَدَمِ لُحُوقِ ضَرَرٍ لِلْوَدِيعَةِ مِنْ التَّبْعِيضِ.

مِثْلُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>