للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ وَحَلَفَ الْمُودِعُ الْيَمِينَ يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ. وَإِذَا صَادَقَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى إيصَالِ الرَّسُولِ الْمَرْقُومِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الرَّسُولِ وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ. وَإِنَّمَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً بِيَدِ الرَّسُولِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا.

اسْتِثْنَاءٌ: الْمَسَائِلُ الْآتِي ذِكْرُهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الضَّمَانِ بِإِزَالَةِ التَّعَدِّي بَعْدَ التَّعَدِّي فِي الْوَدِيعَةِ.

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ صَاحِبِ الْمَالِ رَدَّهَا وَأَعَادَهَا بِقَوْلِهِ: لَمْ تُودِعْنِي إيَّاهَا، وَنَقَلَ الْوَدِيعَةَ الْمَنْقُولَةَ بِالْجُحُودِ تِجَاهَ الْمُودِعِ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَقْتَ الْإِنْكَارِ وَلَمْ يُحْضِرْهَا مَا لَمْ يَعُدْ وَيُسَلِّمْ الْوَدِيعَةَ الْمَذْكُورَةَ إلَى صَاحِبِهَا.

يَعْنِي مَعَ أَنَّ الْجُحُودَ الْمَذْكُورَ تَعَدٍّ وَلَا يُعَدُّ تَرْكُ التَّعَدِّي بِمُجَرَّدِ اعْتِرَافِهِ بَعْدَ الْجُحُودِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِيدَاعِ فُسِخَ فِي حَالَةِ طَلَبِ الْمُودِعِ وَدِيعَتَهُ وَالْمُسْتَوْدَعُ بِامْتِنَاعِهِ عَنْ الْإِعَادَةِ أَصْبَحَ غَاصِبًا وَحَيْثُ إنَّ يَدَهُ لَا تَكُون كَيَدِ الْمَالِكِ فَبِإِقْرَارِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ الرَّدُّ إلَى يَدِ الْمَالِكِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

إيضَاحُ قُيُودِ الْمَسْأَلَةِ:

١ - قِيلَ (بِنَاءً عَلَى طَلَبِهِ رَدَّ وَإِعَادَةَ الْوَدِيعَةِ) لِأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى سُؤَالِ الْمُودِعِ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ يَعْنِي عَلَى قَوْلِهِ: وَدِيعَتِي بَاقِيَةٌ حَالَةَ إنْكَارِ الْمُسْتَوْدَعِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْإِنْكَارَ لَيْسَ إنْكَارًا فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ إنَّهُ حِفْظٌ؛ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ يَلْفِتُ نَظَرَ طَائِفَةِ اللُّصُوصِ إلَى الْوَدِيعَةِ وَيُوجِبُ انْتِبَاهَهُمْ إلَيْهَا وَالْجُحُودُ مِنْ بَابِ حِفْظِهَا.

٢ - جَاءَ (إذَا أَنْكَرَ الْوَدِيعَةَ بِقَوْلِهِ: لَمْ تُودِعْنِي إيَّاهَا) ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ قَائِلًا: إنَّ صَاحِبَ الْمَالِ وَهَبَنِي إيَّاهَا أَوْ بَاعَهَا، فَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ ثُمَّ هَلَكَ ذَلِكَ الْمَالُ بَعْدَهُ بِيَدِ مَنْ كَانَ مُسْتَوْدَعًا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. حَيْثُ إنَّهُ بِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْيَدِ وَاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجِهَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تُحْمَلُ عَلَى الْأَمَانَةِ الَّتِي هِيَ أَمْرٌ مُحَقَّقٌ. كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٧٩) .

٣ - وَرَدَ (إذَا نَقَلَهَا مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ وَقْتَ الْإِنْكَارِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَهَلَكَتْ هُنَاكَ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَنَقَلَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَيْضًا هَذَا الْوَجْهَ مِنْ الْخُلَاصَةِ. وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ: وَلَوْ لَمْ يَنْقُلْهَا وَيُحَوِّلُهَا الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ فَإِذَا هَلَكَتْ هُنَالِكَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ يَضْمَنُ. وَإِنْ كَانَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ ذَكَرَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ لَمْ يَعْتَمِدُوا هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ لِعَدَمِ ظُهُورِ صِحَّتِهِ لَهُمْ وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَادَّةِ (٩٠١) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْقَوْلَ الْمُخْتَارَ هُوَ هَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

٤ - قِيلَ (الْمَنْقُولَةُ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَقَارًا وَانْكَسَرَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ ثُمَّ هَلَكَتْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ. فَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: الضَّمَانُ غَيْرُ لَازِمٍ يَعْنِي أَنَّ الْعَقَارَ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْجُحُودِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقَارِ. فَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ: وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَقَارًا يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ بِالْإِنْكَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>