للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْبَيِّنَةِ وَثَبَتَ بِتَصْدِيقِ الْمُسْتَوْدَعِ فَكَمَا أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهَا فَهُوَ بِالْأَوْلَى غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى رَدِّهَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُسْتَوْدَعُ وَكَالَةَ الشَّخْصِ الَّذِي يَقُولُ: أَنَا وَكِيلٌ أَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا أَوْ سَكَتَ أَوْ كَذَّبَهَا فَإِذَا لَمْ يُعْطِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ لَا يَضْمَنُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ.

وَالْحَاصِلُ - إذَا جَاءَ شَخْصٌ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ وَصَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى وَكَالَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا يُؤْمَرُ بِرَدِّهَا إلَى الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ رَدُّ الْمُحْتَارِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَى الدَّفْعِ إذَا كَذَّبَ الْوَكَالَةَ أَوْ سَكَتَ.

وَلَكِنْ إذَا طَلَبَ شَخْصٌ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ قَائِلًا: إنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَصَدَّقَ الْمَدِينُ أَيْضًا عَلَى الْوَكَالَةِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ الدَّيْنَ يَعْنِي بِجَبْرِ الْمَدِينِ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ إقْرَارَ الْمَدِينِ فِي الدَّيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إقْرَارٌ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فِي الْوَدِيعَةِ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَيْسَ صَحِيحًا.

وَلَوْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ لَا يَصِيرُ خَصْمًا وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَالِ إلَّا أَنْ تَقَعَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ لَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ الْمَطْلُوب عَلَى الْعِلْمِ بِوَكَالَتِهِ إذْ يَتَرَتَّبُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَلَمْ تَصِحَّ إذْ لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ فَلَمْ يَصِرْ خَصْمًا إلَّا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْمَالُ يُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَكِيلَ قَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ عِنْدَهُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُودِعُ: أَعْطِ الْوَدِيعَةَ لِمَنْ أُرْسِلُهُ مِنْ وُكَلَائِي الثَّلَاثَةِ وَطَلَبَهَا أَحَدُهُمْ فَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِحُجَّةِ أَنَّهُ سَيُعْطِيهَا لِلْوَكِيلِ الْآخَرِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى طَلَبَ الْمُودِعُ أَوْ وَكِيلُهُ الْوَدِيعَةَ فَلَا يَكُونُ لَهُ رِضًا بِإِمْسَاكِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ بَعْدَهُ وَيَكُونُ الطَّلَبُ الْمَذْكُورُ فَسْخًا لِعَقْدِ الْوَدِيعَةِ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ.

٣ - طَلَبُ رَسُولِ الْمُودِعِ إذَا أَثْبَتَ رِسَالَةَ الرَّسُولِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَزِمَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رَدُّهَا لَهُ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى الرَّسُولِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ سَيُعْطِيهِ إيَّاهَا بِذَاتِهِ وَتَلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَدِهِ يَضْمَنُ.

وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ رِسَالَةَ مَنْ قَالَ: أَنَا رَسُولٌ أَوْ أَنْكَرَ رِسَالَةً وَلَمْ يَتَمَكَّنْ هُوَ أَيْضًا مِنْ إثْبَاتِ رِسَالَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُعْطِهِ.

كَمَا لَوْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْمُسْتَوْدَعِ: أَعْطِ الْوَدِيعَةَ لِمَنْ يُخْبِرُك بِكَذَا عَلَامَةً، وَجَاءَ شَخْصٌ لِلْمُسْتَوْدَعِ وَأَخْبَرَهُ بِالْعَلَامَةِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ يُعْطِهِ الْوَدِيعَةَ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُخْبِرَ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ شَخْصٌ غَيْرُ الرَّسُولِ مَا لَمْ يُثْبِتْ الشَّخْصُ الْمَرْقُومُ أَنَّ الْعَلَامَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ عَلَامَةُ الْمُودِعِ " تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَفِيهِ تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ ". قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ: أَعْطَيْتُهَا لِلرَّسُولِ: إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ " جَاءَ رَسُولُك وَأَعْطَيْتُهُ الْوَدِيعَةَ، وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ أَنَّهُ رَسُولٌ فَإِنْ أَثْبَتَ الْمُسْتَوْدَعُ ذَلِكَ فَبِهَا وَإِلَّا يَحْلِفُ الْمُودِعُ أَنَّهُ لَيْسَ رَسُولًا فَإِنْ نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَتْ الرِّسَالَةُ. وَأَمَّا إنْ حَلَفَ يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ. وَاذَا صَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ رِسَالَةَ الرَّسُولِ يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ يَعْنِي يُضَمِّنُهُ لِلرَّسُولِ الْمَرْقُومِ وَالتَّضْمِينُ يَكُونُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الرَّسُولَ الْوَدِيعَةَ رَغْمَ تَكْذِيبِهِ رِسَالَتَهُ يَعْنِي إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهَا مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>