للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيَانِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِرَسُولٍ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ أَيْضًا بَعْدَ الضَّمَانِ عَلَى ذَلِكَ الرَّسُولِ.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الرَّسُولَ الْوَدِيعَةَ دُونَ أَنْ يُصَدِّقَهُ أَوْ يُكَذِّبَهُ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ أَيْضًا عَلَى الرَّسُولِ.

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا صَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ الرَّسُولَ الْمَذْكُورَ يَعْنِي مَعَ بَيَانِهِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ فَإِذَا شَرَطَ تَضْمِينَهُ وَالرُّجُوعَ عَلَيْهِ فِي تَقْدِيرِ إنْكَارِ الْمُودِعِ وَتَضْمِينِهِ الْوَدِيعَةَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ الرَّسُولِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَإِيضَاحٌ) .

وَلَكِنْ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ إذَا عَجَزَ حِسًّا أَوْ مَعْنًى.

بَيَانُ الْعَجْزِ الْحِسِّيِّ هُوَ كَوُجُودِ الْوَدِيعَةِ فِي مَحِلٍّ بَعِيدٍ حِينَ طَلَبِهَا. وَبَيَانُ الْعَجْزِ الْمَعْنَوِيِّ هُوَ كَمَا لَوْ كَانَ وَقْتَ فِتْنَةٍ وَكَانَ الْمُسْتَوْدَعُ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ وَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَدْفُونَةً مَعَ مَالِهِ فَإِذَا لَمْ يُعْطِهَا الْمُسْتَوْدَعُ لِعَجْزِهِ بِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَدِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إنْ كَانَ الْمُودِعُ ظَالِمًا فِي طَلَبِهِ وَدِيعَتَهُ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَائِهَا. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ سَيْفًا وَكَانَ قَصْدُ الْمُودِعِ أَخْذَهُ وَضَرْبَ أَحَدٍ بِهِ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَائِهِ إيَّاهُ، وَيَسْتَمِرُّ عَلَى الِامْتِنَاعِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّ الْمُودِعَ عَدَلَ عَنْ فِكْرَةِ الضَّرْبِ فَإِذَا طَلَبَهُ الْمُودِعُ وَقَامَ الرَّيْبُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ لِلِانْتِقَامِ أَوْ فِي الْمَسَائِلِ الْمُبَاحَةِ. فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَإِذَا حَرَّرَتْ امْرَأَةٌ سَنَدًا يَحْتَوِي عَلَى إقْرَارِهَا بِأَخْذِ مَطْلُوبِهَا مِنْ زَوْجِهَا أَوْ أَنَّ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ هُوَ مِلْكُ زَوْجِهَا وَأَوْدَعَتْ السَّنَدَ الْمَذْكُورَ أَثْنَاءَ مَرَضِهَا عِنْدَ شَخْصٍ عَلَى أَنْ يُعْطَى إلَى زَوْجِهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا ثُمَّ أَبْلَتْ مِنْ مَرَضِهَا وَأَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَ السَّنَدَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعَادَةِ السَّنَدِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ إلَى الزَّوْجَةِ الْمُودِعَةِ صِيَانَةً لِحُقُوقِ زَوْجِهَا.

تَنَاقُضُ الْمُسْتَوْدَعِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ: مَثَلًا إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أُعْطِيكَهَا غَدًا أَوْ خُذْهَا غَدًا.

فَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَيَسْأَلُ الْمُسْتَوْدَعُ عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ فِيهِ. فَأَخْبَرَ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ أُعْطِيكَهَا غَدًا لَا يَضْمَنُ إذْ لَا تَنَاقُضَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ أَنَّهَا تَلِفَتْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: خُذْهَا غَدًا، إقْرَارٌ بِوُجُودِ الْوَدِيعَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ أَخِيرًا ضَاعَتْ تَنَاقُضٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ طَلَبِ الْمُودِعِ إيَّاهَا ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ إنْكَارِهِ هَذَا عَلَى أَنَّهُ أَعَادَهَا يُقْبَلُ مِنْهُ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَدِّهَا قَبْلَ الْإِنْكَارِ مُؤَوِّلًا إنْكَارَهُ بِقَوْلِهِ: أَخْطَأْت فِي إنْكَارِي أَوْ نَسِيت، يُقْبَلُ مِنْهُ أَيْضًا.

وَأَمَّا إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَأَجَابَهُ الْمُسْتَوْدَعُ: إنَّك لَمْ تُعْطِنِي شَيْئًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: نَعَمْ كُنْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>