للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِشَخْصِ الْمُنْتَفِعِ وَبِشَرْطٍ مُفِيدٍ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٨١٩) كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُ الْعَارِيَّةِ فِي أَيِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ شَاءَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُهُ وَلَهُ أَنْ يُعِيرَهُ لِآخَرَ كَيْ يَسْتَعْمِلَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَتَصَرَّفُ فِي الْمُسْتَعِيرِ وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ بِمُوجَبِ الْإِذْنِ الْمُعْطَى لَهُ مِنْ الْغَيْرِ وَلَمَّا كَانَ الْإِذْنُ مُطْلَقًا فَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ وَيَتَصَرَّفَ بِهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ " ٩٦ ".

سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّ الْمَنَافِعَ الَّتِي تُمْلَكُ بِالْإِعَارَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَجْهُولَةٌ وَجَهَالَةُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُمْلَكُ تُوجِبُ فَسَادَ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ ٢١٣، ٤٥١، ٤٦٠) فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِعَارَةُ فَاسِدَةً.

الْجَوَابُ: لَمَّا كَانَتْ الْإِعَارَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٠٤) وَبِمَا أَنَّ لِلْمُعِيرِ حَقَّ الرُّجُوعِ فِي أَيِّ زَمَانٍ أَرَادَ فَلَا تُوجِبُ جَهَالَةُ الْمَنَافِعِ فَسَادَ الْإِعَارَةِ. يَعْنِي أَنَّ الْمُعِيرَ إذَا لَمْ يَرْضَ بِاسْتِيفَاءِ الْمُسْتَعِيرِ مَا تَصَدَّى لِاسْتِيفَائِهِ مِنْ الْمَنَافِعِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِعَارَةِ فِي الْحَالِ وَيَسْتَرِدُّ الْمُعَارَ لَكِنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ لَمَّا كَانَا مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَالْجَهَالَةُ فِيهِمَا بَاعِثَةٌ عَلَى النِّزَاعِ (الزَّيْلَعِيّ) .

وَمَعْنَى قَوْلِهِ (عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ) هُوَ كَأَنْ يَقُولَ الْمُعِيرُ: ارْكَبْ الدَّابَّةَ أَوْ احْمِلْ عَلَيْهَا حِمْلًا أَوْ اُسْكُنْ الدَّارَ الْمُسْتَعَارَةَ أَوْ ضَعْ فِيهَا أَمْتِعَتَك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ صُوَرِ عَدَمِ التَّقْيِيدِ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إطْلَاقُ الِانْتِفَاعِ هُنَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمَنْفَعَةِ أَمَّا الْإِطْلَاقُ الْوَارِدُ فِي الْمَادَّةِ (٨١٩) فَهُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُنْتَفِعِ. وَعَلَى ذَلِكَ تَتَدَاخَلُ هَاتَانِ الْمَادَّتَانِ بَعْضُهُمَا فِي بَعْضٍ.

لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ فِي أَيِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُرِيدُهُ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُسْتَعَارَ أَوْ يَرْهَنَهُ عِنْدَ آخَرَ. كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (٨٢٣) (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) .

وَتَنْقَسِمُ الْإِعَارَةُ إلَى سِتَّةَ عَشَرَ قِسْمًا.

وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّتَيْنِ (٨١٩ و ٨٢٠) أَنَّ الْإِعَارَةَ سِتَّةَ عَشَرَ قِسْمًا؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ وَالتَّقْيِيدَ شَيْئَانِ يَدُورَانِ بَيْنَ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ. فَيَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَقْسَامٌ وَيَحْصُلُ مِنْ أَخْذِ الطَّرَفَيْنِ مُرَكَّبَيْنِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أُخْرَى كَمَا يَحْصُلُ مِنْ الْإِطْلَاقِ فِي جُمْلَتِهَا أَوْ التَّقْيِيدِ قِسْمَانِ آخَرَانِ وَهِيَ:

١ - الْإِطْلَاقُ فِي الزَّمَانِ، وَالتَّقْيِيدُ فِي الْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعُ وَالشَّرْطُ الْمُفِيدُ.

٢ - الْإِطْلَاقُ فِي الْمَكَانِ وَالتَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ وَالِانْتِفَاعُ وَالْمُنْتَفِعُ وَالشَّرْطُ الْمُفِيدُ.

٣ - الْإِطْلَاقُ فِي الِانْتِفَاعِ.

وَالتَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْمُنْتَفِعُ وَالشَّرْطُ الْمُفِيدُ.

٤ - الْإِطْلَاقُ فِي الْمُنْتَفِعِ وَالتَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعُ وَالشَّرْطُ الْمُفِيدُ.

٥ - الْإِطْلَاقُ فِي الشَّرْطِ الْمُفِيدِ، وَالتَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعُ وَالْمُنْتَفِعِ.

٦ - التَّقْيِيدُ فِي الزَّمَانِ، وَالْإِطْلَاقُ فِي الْمَكَانِ وَالِانْتِفَاعِ وَالْمُنْتَفِعِ وَالشَّرْطِ الْمُفِيدِ. وَالْمِثَالُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَادَّة (٨١٨) يُشِيرُ إلَى هَذَا الْقِسْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>