الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ تَجْدِيدِ الْقَبْضِ فَنَفَقَاتُ إلْقَاءِ جِيفَتِهِ فِي الْبَحْرِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ (أَبُو السُّعُودِ بِتَغْيِيرٍ مَا) .
يُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ قَبْضَ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الْهِبَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَا أَنَّ الْقَبْضَ بِالْغَصْبِ وَالْبَيْعَ الْفَاسِدَ يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ الَّتِي هِيَ دُونَهُمَا لَكِنْ الْقَبْضَ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الشِّرَاءِ (الْهِدَايَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَبْضُ الْأَمَانَةِ ضَعِيفًا فَلَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الضَّمَانِ (الْعِنَايَةُ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
١ - الْمَالُ.
بِمَا أَنَّ لَفْظَ الْمَالِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ الْأَمَانَةَ وَالْمَضْمُونَ وَالْمَنْقُولَ وَالْعَقَارَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٤) .
٢ - قَبِلْتُ.
قَدْ أُشِيرَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ إلَى الْقَبُولِ صَرَاحَةً شَرْطٌ وَلَيْسَتْ مَقِيسَةٌ عَلَى الْمَادَّةِ (٨٤١) ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَلَا حَاجَةَ لِلْقَبْضِ وَيَلْزَمُ أَنْ يَمْلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ بِدُونِ رِضَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ مِلْكًا لِآخَرَ أَيْ أَنْ يُمَلِّكَ آخَرَ بِدُونِ رِضَاهُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٦٧) . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَاضِيًا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ مِلْكٌ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ الضَّرَرِ مَوْجُودٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمِيرَاثُ فَقَطْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٤١) .
٣ - وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: الْقَبْضُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: قَبْضٌ مَضْمُونٌ بِقِيمَةِ الْمَقْبُوضِ أَوْ بِمِثْلِهِ كَالْقَبْضِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَاصِبِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٩١) كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَتِهِ الثَّمَنَ وَالْمَالَ الْمَقْبُوضَ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٢٩٨ و ٣٧١) .
وَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْمَالِ الْمَقْبُوضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَالَهُ هَذَا مِنْ قَابِضِهِ بَيْعًا صَحِيحًا فَلِكَوْنِ الْقَبْضَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَيْ لِأَنَّهُمَا مَضْمُونَانِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَجْدِيدِ الْقَبْضِ وَيَقُومُ الْقَبْضُ السَّابِقُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ اللَّازِمِ فِي الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ لِلْقَابِضِ فَيَمْلِكُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِمُجَرَّدِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَلَا حَاجَةَ لِقَبْضٍ آخَرَ وَيَبْرَأُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الضَّمَانِ بِقَبُولِهِ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ (أَبُو السُّعُودِ) .
سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ فِي الْمَادَّةِ (٣٦٦) فَكَيْفَ يَصِحُّ لِلْبَائِعِ هِبَتُهُ لِلْمُشْتَرِي يَعْنِي أَنَّهُ مَا دَامَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي فَمَا مَعْنَى تَمْلِيكُهُ لِلْمُشْتَرِي مَرَّةً أُخْرَى بِالْهِبَةِ؟ الْجَوَابُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَوَّلًا: كَأَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ فَسَخَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ وَبَعْدَ فَسْخِهِ وَهَبَهُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الْقَابِضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute