للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثَالٌ عَلَى عَدَمِ التَّفْضِيلِ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ خِطَابًا لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو: وَهَبْتُكُمَا أَنْتُمَا الِاثْنَانِ هَذَا الْقَصْرَ نِصْفُهُ لَك يَا عَمْرُو وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لَك يَا زَيْدُ.

وَإِذَا كَانَ هَذَا التَّفْضِيلُ ابْتِدَاءً يَعْنِي مِنْ غَيْرِ سَابِقِيَّةِ الْإِجْمَالِ فَلَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، سَوَاءٌ كَانَ التَّفْصِيلُ بِالتَّفْضِيلِ أَمْ بِلَا تَفْضِيلٍ وَنُوَضِّحُ هَذِهِ الْفِقْرَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي. وَتَكُونُ هِبَةُ شَخْصٍ لِاثْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ سَابِقِيَّةِ الْإِجْمَالِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - كَوْنُ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ مُخْتَلِفَيْنِ فَفِي هَذِهِ الْهِبَةِ الَّتِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شُيُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِشَخْصٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ (اُنْظُرْ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى) .

الْوَجْهُ الثَّانِي - كَوْنُ الْعَقْدِ مُتَّفِقًا وَالْقَبْضِ مُخْتَلِفًا وَلَمَّا كَانَ الِاعْتِبَارُ بِالْقَبْضِ كَمَا وُضِّحَ آنِفًا فَالْهِبَةُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَهِبَةِ شَخْصٍ مَالَهُ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ ابْتِدَاءً بِتَفْصِيلٍ وَبِعَقْدٍ وَاحِدٍ لِشَخْصَيْنِ وَتَسْلِيمِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَرَّةً لِأَحَدِهِمَا وَمَرَّةً لِلْآخَرِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ - كَوْنُ الْعَقْدِ مُخْتَلِفًا وَالْقَبْضِ مُتَّفِقًا.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ - كَوْنُ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ مُخْتَلِفَيْنِ فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ بِعَدَمِ جَوَازِ الْهِبَةِ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ. مَا لَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ وَالتَّسْلِيمُ بِالْمَعِيَّةِ وَاقْتَسَمَا جَازَتْ الْهِبَةُ حِينَئِذٍ " أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ، الْبَحْرُ، الْهِدَايَةُ، الْفَتْحُ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ الَّذِي فِي يَدِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَسَلَّمَهُمَا إيَّاهُ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " ٨٥١ ".

تَنْعَقِدُ وَتَتِمُّ الْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ أَمَّا هِبَةُ الْكَبِيرِ، فَإِنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ وَبِذَلِكَ تَتَأَخَّرُ عَنْ هِبَةِ الصَّغِيرِ فَيَحْصُلُ بِالِاتِّفَاقِ الشُّيُوعُ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ " الْبَزَّازِيَّةُ وَالْبَحْرُ، وَالْحِيلَةُ لِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْهِبَةِ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ أَوَّلًا لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ ثُمَّ يَهَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِوَلَدَيْهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ " التَّنْقِيحُ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْحَالِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٤٦) لَا تَتَوَفَّقُ عَلَى التَّسْلِيمِ لِلْكَبِيرِ وَلَا تَتَأَخَّرُ عَنْ هِبَةِ الصَّغِيرِ وَكُلُّ حِيلَةٍ يَتَخَلَّصُ بِهَا مِنْ الْحَرَامِ أَوْ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْحَلَالِ فَهِيَ حَسَنَةٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - قَابِلِيَّةُ التَّقْسِيمِ هِيَ بِالنَّظَرِ إلَى الْحِصَّةِ الْمَوْهُوبَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ قَصْرًا إلَى أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ وَكَانَ مُمْكِنًا تَقْسِيمُهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ صَحَّتْ الْهِبَةُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ تَقْسِيمُهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ بَلْ كَانَ مُمْكِنًا تَقْسِيمُهُ إلَى قِسْمَيْنِ أَوْ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ صَحَّتْ الْهِبَةُ أَيْضًا فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ رُبْعَ مَالِهِ الَّذِي يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ إلَى قِسْمَيْنِ فَقَطْ جَازَ (التَّنْقِيحُ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - إنَّ الشُّيُوعَ الَّذِي مِنْ طَرَفِ الْوَاهِبِ فَقَطْ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ تَمَامِ الْهِبَةِ بِالِاتِّفَاقِ فَلَوْ وَهَبَ شَخْصَانِ أَمْوَالَهُمَا الْمُشْتَرَكَةَ الْقَابِلَةَ الْقِسْمَةَ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ سُلِّمَ الْمَالَ جُمْلَةً وَقُبِضَ جُمْلَةً جَازَتْ إذْ لَا شُيُوعَ فِي ذَلِكَ (الْقُهُسْتَانِيُّ؛ الْهِدَايَةُ) .

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - لَا يَحِلُّ فِي الصَّدَقَةِ الشُّيُوعُ الَّذِي مِنْ طَرَفِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ فِي تَمَامِهَا كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْجَامِعِ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ (الْهِدَايَةُ، وَهَامِشِ الْأَنْقِرْوِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>