مَثَلًا لَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِمَالِ لَهُ قَابِلٍ الْقِسْمَةَ عَلَى شَخْصَيْنِ وَسَلَّمَهُمَا إيَّاهُ مَعًا كَانَ صَحِيحًا كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِعَشَرَةِ رِيَالَاتٍ إلَى فَقِيرَيْنِ أَوْ وَهَبَهُمَا إيَّاهُمَا جَازَ لَا لِغَنِيَّيْنِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ فَلَا تَصِحُّ لِلشُّيُوعِ أَيْ لَا تُمْلَكُ فَلَوْ قَسَّمَهَا وَسَلَّمَهَا صَحَّ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْهِبَةِ أَيْ بَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ: أَنَّهُ يُقْصَدُ بِالصَّدَقَةِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا وَاحِدٌ وَالْفَقِيرُ نَائِبٌ عَنْهُ أَمَّا فِي الْهِبَةِ فَيُقْصَدُ وَجْهُ الْغَنِيِّ وَهُمَا اثْنَانِ (الْهِدَايَةُ، وَأَبُو السُّعُودِ، الْبَحْرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
أَمَّا لَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِنِصْفِ الشَّائِعِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ عَلَى أَحَدٍ فَلَا تَصِحُّ وَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ مَا لَمْ تُسَلَّمْ بَعْدَ الْإِفْرَازِ كَمَا فِي الْهِبَةِ (الْبَحْرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - الشُّيُوعُ الْمَانِعُ لِتَمَامِ الْهِبَةِ هُوَ الشُّيُوعُ الْمُقَارَنُ وَلَيْسَ الشُّيُوعُ الطَّارِئُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٥) ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَهَبَهُ غَيْرَ شَائِعٍ وَبَعْدَ أَنْ تَمَّتْ الْهِبَةُ بِالْقَبْضِ الْكَامِلِ ثُمَّ طَرَأَ بَعْدَ ذَلِكَ شُيُوعٌ فَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ هَذَا الشُّيُوعُ طَارِئًا عَلَى مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَحَادِثًا بَعْدَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا يُنَافِي هَذَا الشُّيُوعُ الْمِلْكَ وَلَا يُخِلُّ بِالْهِبَةِ الَّتِي صَحَّتْ وَتَمَّتْ سَابِقًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَجْمُوعَ مَالِهِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ رَجَعَ عَنْ نِصْفِهِ وَإِنْ طَرَأَ بِرُجُوعِهِ هَذَا شُيُوعٌ عَلَى الْمَالِ الْمَوْهُوبِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ هَذَا الشُّيُوعُ طَارِئًا غَيْرَ مُقَارَنٍ فَلَا يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٦) فَلِذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ وَهُوَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ دَارِهِ الَّتِي لَا يَمْلِكُ سِوَاهَا لِآخَرَ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهَا وَلَمْ يُجِرْ الْوَرَثَةُ الْهِبَةَ فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي الثُّلُثَيْنِ وَتَبْقَى فِي الثُّلُثِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٨٧٩) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ - وَالشُّيُوعُ الْعَارِضُ ضَبْطُ بَعْضِ الْمَوْهُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ بِالْبَيِّنَةِ فَهُوَ شُيُوعٌ طَارِئٌ لَا يَضُرُّ بِالْهِبَةِ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَمَالٍ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَالْكَرْمَانِيُّ وَالنِّهَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ. إلَّا أَنَّ قَاضِيَ خَانْ وَجَامِعَ الْفِقْهِ والظهيرية وَالْكَافِيَ قَالُوا بِعَدَمِ تَمَامِ الْهِبَةِ لِمُقَارَنَةِ الشُّيُوعِ الْمَذْكُورِ. مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ دَارًا قَابِلَةَ الْقِسْمَةِ إلَى قِسْمَيْنِ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِنِصْفِهَا الشَّائِعِ مُسْتَحِقٌّ تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي بَاقِيهَا أَيْضًا. حَتَّى أَنَّ صَاحِبَ الدُّرَرِ قَدْ خَطَّأَ الْقَائِلِينَ بِكَوْنِ الشُّيُوعِ الْمَذْكُورِ طَارِئًا وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ التَّخْطِئَةُ فِي مِثَالِ الْمَادَّةِ (٥٥) وَالْمَادَّةِ (٤٣٠) .
وَمَسْأَلَةُ كَوْنِ الشُّيُوعِ الْعَارِضِ لِلْمَوْهُوبِ لِاسْتِحْقَاقٍ وَبِالْبَيِّنَةِ شُيُوعًا مُقَارَنًا مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلتَّرَدُّدِ (نُوحٌ أَفَنْدِي) . وَقَدْ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ نُقِلَ فِي الشُّيُوعِ الْعَارِضِ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الشُّيُوعَ الْمَذْكُورَ مُقَارَنٌ وَالْآخَرَ طَارِئٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute