للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ فِي عَيْنِ الْمَوْهُوبِ بَلْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْقِيمَةِ حَاصِلَةً مِنْ تَرَقِّي الْأَسْعَارِ فَهِيَ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِلرُّجُوعِ.

فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِآخَرَ مَالًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ قِرْشًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَرَقَّتْ الْأَسْعَارُ فَصَعِدَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ (الْكَنْزُ، أَبُو السُّعُودِ) وَفَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِنَقْلِ الْمَوْهُوبِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ الَّتِي بَيَّنَّا أَنَّهَا مَانِعَةٌ لِلرُّجُوعِ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَصُنْعِهِ أَمَّا الزِّيَادَةُ الْحَاصِلَةُ فِي صُورَةِ النَّقْلِ فَهِيَ مِنْ فِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَعَمَلِهِ.

الِاخْتِلَافُ فِي حُصُولِ الزِّيَادَةِ.

لَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْحَيَوَانَ الْمَوْهُوبَ قَدْ كَانَ ضَعِيفًا فَسَمِنَ عِنْدَهُ وَقَدْ حَصَلَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ وَأَنْكَرَ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٧) وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي كُلِّ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ لَكِنَّ الْقَوْلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ وَالصَّبْغِ يَعْنِي فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَالصَّبْغِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَزَّازِيَّةُ الْهِنْدِيَّةُ) مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ أَرْضًا وَكَانَ فِيهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ فَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ وَهَبَهُ الْأَرْضَ صَحْرَاءَ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحْدَثَ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ الَّذِي فِيهَا وَادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ الَّذِي فِيهَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ هِبَتِهِ الْأَرْضَ وَتَسْلِيمِهَا وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ.

وَإِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ ثَوْبًا مَخِيطًا أَوْ مَصْبُوغًا أَوْ سَيْفًا مُحَلًّى فَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الْهِنْدِيَّةُ) إلَّا أَنَّهُ تُسْتَثْنَى الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ بِنَاؤُهَا وَإِنْشَاؤُهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي وُجِدَتْ فِيهَا فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ تَارِيخِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّ كَذِبَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي هَذَا مُتَيَقَّنٌ؛ لِأَنَّ إحْدَاثَ بِنَاءٍ كَهَذَا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مُحَالٌ عَادَةً (الطَّحْطَاوِيُّ) .

سَادِسًا - وَحُصُولُ الزِّيَادَةِ الْمَالِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ، فَالنُّقْصَانُ لَيْسَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ.

وَالنُّقْصَانُ، الْمَذْكُورُ، سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا بِفِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ حَاصِلًا بِسَبَبٍ آخَرَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَذَا النُّقْصَانَ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) مَثَلًا لَوْ ذَبَحَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّاةَ الْمَوْهُوبَةَ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ وَاسْتِرْدَادُهَا أَمَّا بَعْدَ الطَّبْخِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهَا (الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ بَلَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْكَعْكَ الْمَوْهُوبَ بِالْمَاءِ فَقَطْ لَا يَكُونُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ كَمَا لَوْ بَلَّ الْحِنْطَةَ الْمَوْهُوبَةَ بِالْمَاءِ أَيْضًا لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ.

سَابِعًا: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ كِرْبَاسًا أَيْ قُمَاشَ الْكَتَّانِ الْخَامِ وَقَصَّرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَالِ قَدْ حَدَثَ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ وَصِفَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ. أَمَّا لَوْ غَسَلَهُ فَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِلرُّجُوعِ.

ثَامِنًا: إذَا سَنَّ السِّكِّينَ الْمَوْهُوبَةَ أَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ سَيْفًا فَجَعَلَهُ سِكِّينًا أَوْ كَانَ سِكِّينًا فَجَعَلَهُ سَيْفًا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ.

تَاسِعًا: لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ شَجَرَةً وَصَرَفَ عَلَيْهَا وَقَطَعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>