نَافِذَةٌ وَإِنَّمَا تَنْتَقِضُ - بَعْدَ الْمَوْتِ وَاخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يُنْكِرُ النَّقْضَ.
أَمَّا الْبَيِّنَةُ فَعَلَى مَنْ يَدَّعِي وُقُوعَهَا فِي حَالِ الصِّحَّةِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٧٦٦١) (التَّنْقِيحُ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ الْهِبَةِ وَنُقُولُ عَلِيٍّ أَفَنْدِي فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ) .
٣ - هِبَةٌ - يَدُلُّ هَذَا التَّعْبِيرُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ يَعْنِي عَدَمَ تَرْجِيحِ أَحَدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ خَاصٌّ بِالْأَمْلَاكِ أَمَّا فِي فَرَاغِ الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ وَالْمُسْتَنْقَعَات وَالْمُسْتَغِلَّات الْوَقْفِيَّةِ فَلَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَالْفَرَاغُ بِالْأَرْضِ الْأَمِيرِيَّةِ وَالْمَوْهُوبَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ مُعْتَبَرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ يَعْنِي الْوَرَثَةَ أَمْ لِلْأَجْنَبِيِّ.
وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَفَرِّغُ مَدْيُونًا مُسْتَغْرَقَةً - تَرِكَتُهُ بِالدُّيُونِ أَمْ لَا فَعَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ حِينَ الْفَرَاغِ فَلَا يُفْسَخُ الْفَرَاغُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ بِدَاعِي عَدَمِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ إيَّاهُ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرِيضِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ فَلَيْسَ لِمَأْمُورِ الْأَرَاضِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْفَرَاغِ بِقَوْلِهِ: إنَّك تُهَرِّبُ الْأَرَاضِي عَنْ أَنْ تَكُونَ مَحْلُولَةً وَأَنْ يَتَدَاخَلَ فِي الْأَرَاضِي بَعْدَ الْفَرَاغِ وَالْوَفَاةِ.
كَذَلِكَ لِلْمُتَصَرِّفِ بِوَقْفٍ عَلَى طَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ أَنْ يُفْرِغَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي مَا بِتَصَرُّفِهِ إلَى أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ أَوْ إلَى أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ كَانَ الْفَارِغُ مَدِينًا مُسْتَغْرَقًا بِالدَّيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ الْآخَرِينَ أَوْ لِمُدَايِنِيهِ الْمُدَاخَلَةُ فِي الْمَفْرُوغِ مِنْهُ بِدَاعِي وُقُوعِ الْفَرَاغِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ. كَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي الِامْتِنَاعُ عَنْ إعْطَاءِ الْإِذْنِ بِالْفَرَاغِ أَصْلًا. إلَّا أَنَّهُ تَفَرَّغَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ فَلِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَفْرُوغَ بِهِ مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ وَيَضْبِطَهُ لِلْوَقْفِ وَيَطْلُبَ الْمَفْرُوغُ لَهُ بَدَلَ الْفَرَاغِ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى.
وَسَبَبُ ذَلِكَ النِّظَامُ الْخَاصُّ بِهِ. أَمَّا لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِغَيْرِ وَارِثِهِ بِلَا شَرْطِ الْعِوَضِ وَسَلَّمَهُ الْمَوْهُوبَ فَإِذَا كَانَ ثُلُثُ مَالِهِ مُسَاعِدًا لِتَمَامِ الْمَوْهُوبِ كَانَتْ هَذِهِ الْهِبَةُ صَحِيحَةً وَنَافِذَةً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ فَتُعْتَبَرُ فِي ثُلُثِ الْأَمْوَالِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ التَّجْهِيزِ وَالتَّكْفِينِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ سَوَاءٌ أَجَازَ الْوَرَثَةُ أَمْ لَمْ يُجِيزُوا. وَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ هِبَةَ الْمَرِيضِ هِبَةُ عَقْدٍ وَلَيْسَتْ بِوَصِيَّةٍ وَاعْتِبَارُهَا مِنْ الثُّلُثِ مَا كَانَ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَلَكِنْ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْمَرِيضِ وَقَدْ تَبَرَّعَ بِالْهِبَةِ فَيَلْزَمُ تَبَرُّعُهُ بِقَدْرِ مَا جَعَلَ الشَّرْعُ لَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ فَشَرْطٌ فِي هَذَا الْعَقْدِ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُسَاعِدًا وَأَجَازَهَا الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي الْكُلِّ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا تَصِحُّ الْهِبَةُ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يُسَاعِدُ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْمَالِ وَيُجْبَرُ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَدَّ الْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ وَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي الْبَيْعِ كَانَ مُخَيَّرًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٤ ٣٩) .
وَيَجْرِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَلَوْ تَمَادَى مَرَضُ الْمَوْتِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ أَوْ تِسْعَةً. مَثَلًا لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَالَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ لَهُ وَكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ يُسَاعِدُ عَلَى مِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ تُصْبِحُ الْهِبَةُ فِي مِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ وَتَلْزَمُ وَيُجْبَرُ عَلَى إيفَاءِ الْبَاقِي (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
كَذَا لَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ دَارًا وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ سِوَاهَا تَجُوزُ الْهِبَةُ فِي الثُّلُثِ وَيُرَدُّ الثُّلُثَانِ إلَى الْوَرَثَةِ وَالْحُكْمُ هَكَذَا فِي الْقَابِلِ الْقِسْمَةَ أَوْ غَيْرِ الْقَابِلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ