يَجُوزُ كَمَا قَالَ ابْنُ كَمَالٍ دُخُولُ السَّرِقَةِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ وَعَلَى ذَلِكَ فَقَدْ أَصْبَحَ قَيْدُ: عَلَى سَبِيلِ الْجَهْرِ ضَرُورِيًّا لَا بُدَّ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْقُهُسْتَانِيُّ) .
٨ - الْأَخْذُ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لُغَةً مَصْدَرٌ بِمَعْنَى تَحْصِيلِ شَيْءٍ وَضَمِّهِ لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ إمَّا بِالتَّنَاوُلِ وَإِمَّا بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ. الْأَخْذُ: شَرْعًا هُوَ أَنْ يَتْبَعَ الْمَأْخُوذُ لِيَدِ الْآخِذِ أَيْ يَكُونُ بِإِثْبَاتِ يَدٍ مُبْطَلَةٍ فَلِذَلِكَ يَنْصَرِفُ الْأَخْذُ لِلْمَنْقُولِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتْبَعُ يَدَ الْآخِذِ هُوَ الْمَنْقُولُ (الْعَيْنِيُّ) .
أَمَّا الْغَصْبُ فِي الْعَقَارِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ فَعَلَيْهِ يَدُلُّ هَذَا التَّعْرِيفُ أَنَّ الْغَصْبَ يَجْرِي فِي الْمَنْقُولِ فَقَطْ يَعْنِي أَنَّ الْغَصْبَ يَتَحَقَّقُ بِالنَّقْلِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ بِدُونِ النَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا وُجُودَ لِإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ فِي الْعَقَارِ بِسَبَبِ عَدَمِ إمْكَانِ نَقْلِهِ مِنْ مَحِلٍّ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ (الْقُهُسْتَانِيُّ) .
فَلِذَلِكَ إذَا رَكِبَ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ حَيَوَانَ الْآخَرِ الْوَاقِفَ فِي مَكَان وَنَزَلَ عَنْهُ بِدُونِ أَنْ يَصْرِفَ ذَلِكَ الْحَيَوَانَ مِنْ مَكَانِهِ أَوْ يُحَوِّلَهُ أَوْ يُحَرِّكَهُ وَتَرَكَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا تَلِفَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ وَهُوَ رَاكِبٌ لَهُ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٩١٢) .
كَذَلِكَ لَوْ تَصَرَّفَ فِي الْمَنْقُولِ فَيَتَحَقَّقُ الْغَصْبُ بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) كَذَلِكَ لَوْ جَلَسَ أَحَدٌ عَلَى بِسَاطِ الْآخَرِ الْمَفْرُوشِ بِدُونِ إذْنٍ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ فَهُوَ لَيْسَ بِفِعْلٍ فِي الْعَيْنِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
وَقَدْ قَيَّدَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ فِي الْعَقَارِ تَعْبِيرَ الْمَالِ فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ بِالْمَالِ الْقَابِلِ النَّقْلِ، وَتَرْكُ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَجَلَّةِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ آنِفًا نَاشِئٌ عَنْ كَوْنِهِ مَفْهُومًا مِنْ لَفْظِ الْآخِذِ (التَّنْوِيرُ) .
تَقْسِيمُ الْأَخْذِ: الْأَخْذُ قِسْمَانِ:
الْأَوَّلُ: الْأَخْذُ الْحَقِيقِيُّ وَهَذَا يَكُونُ بِأَخْذِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِدُونِ إذْنِهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: الْأَخْذُ الْحُكْمِيُّ كَإِنْكَارِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ يَأْخُذُهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَقْتَ الْأَخْذِ وَتَبْقَى فِي يَدِهِ وَدِيعَةً إلَى زَمَنِ الْإِنْكَارِ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَكُونُ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ مَغْصُوبَةً وَمَأْخُوذَةً بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ حُكْمًا.
هَذَا إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا الْمُسْتَوْدَعُ وَقْتَ الْإِنْكَارِ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي هِيَ فِيهِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ وَلَمْ يُحَوِّلْهَا أَمَّا إذَا نَقَلَهَا وَحَوَّلَهَا بَعْدَ الْإِنْكَارِ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْأَخْذُ حَقِيقِيًّا وَاسْتِعْمَالُ الدَّابَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِيَدِ مَالِكٍ أَوْ ضَرْبُ يَدِ آخَرَ وَإِطَارَةُ الطَّيْرِ مِنْ يَدِهِ أَوْ إسْقَاطُ اللُّؤْلُؤِ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ فَحُكْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ قَبِيلِ أَخْذِ الْحُكْمِ وَبِتَعْمِيمِ الْأَخْذِ عَلَى الْوَجْهِ الْآنِفِ الذِّكْرِ إلَى الْأَخْذِ الْحَقِيقِيِّ وَالْحُكْمِيِّ تَدْخُلُ الْمَادَّةُ (١ ٠ ٩) فِي هَذَا التَّعْرِيفِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) .
٩ - إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ الْمُحَقَّةِ أَوْ قَصْرُهَا: تَكُونُ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ فِيمَا إذَا أُخِذَ الْمَغْصُوبُ مِنْ يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَقَصْرُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ تَكُونُ فِيمَا إذَا أُخِذَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مِنْ مُسْتَأْجَرِ صَاحِبِهِ أَوْ مُرْتَهَنِهِ أَوْ مُسْتَوْدَعِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَغْصِبُ الْوَدِيعَةَ مَثَلًا لَا يُزِيلُ يَدَ مَالِكِهِ مِنْهَا إذْ إنَّ الْوَدِيعَةَ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ مَالِكِهَا