للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتْحُ الْقَدِيرِ) . لَكِنْ قَدْ قَصُرَتْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَادِرًا عَلَى أَخْذِهِ مِنْ الْمُسْتَأْجَرِ مَثَلًا وَمُتَمَكِّنًا فَزَالَ ذَلِكَ التَّمَكُّنُ وَالِاقْتِدَارُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِغَصْبِ الْغَاصِبِ.

وَإِزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ تَكُونُ أَحْيَانَا حَقِيقَةً كَأَخْذِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ وَتَكُونُ أُخْرَى حُكْمًا كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ أَوَالْمُسْتَعِيرُ الْوَدِيعَةَ أَوَالْعَارِيَّةَ الَّتِي فِي يَدِهِ فَيَكُونُ قَدْ أَزَالَ الْيَدَ الْمُحَقَّةَ حُكْمًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَعَدَمُ ذِكْرِ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فِي الْمَجَلَّةِ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مُسْتَفَادًا مِنْ عِبَارَةِ (بِدُونِ إذْنٍ) .

رُكْنُ الْغَصْبِ، قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي رُكْنِ الْغَصْبِ بَيْنَ الْمُجْتَهِدِينَ. فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ مَعَ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ هُوَ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ فَقَطْ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ هُوَ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ فَقَطْ وَلْنُوَضِّحْ الْآنَ هَذِهِ الْأُمُورَ وَيُلَاحَظُ فِي الْغَصْبِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ:

الْأَوَّلُ: إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ مَعَ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ.

الثَّانِي: إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ بِدُونِ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ.

الثَّالِثُ: إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ بِدُونِ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ.

فَالْأَخْذُ إنَّمَا يَكُونُ غَصْبًا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَعْنِي أَنَّ رُكْنَ الْغَصْبِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هُوَ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ مَعَ إثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ. فَعَلَيْهِ يَلْزَمُ فِي الْغَصْبِ أَمْرَانِ:

أَوَّلُهُمَا: إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ بِفِعْلٍ وَاقِعٍ فِي عَيْنِ الْمَقْصُودِ أَيْ إزَالَةُ يَدِ وَاضِعِ الْيَدِ بِحَقٍّ يَعْنِي صَاحِبَ الْمَالِ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ.

ثَانِيهمَا: إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ أَيْ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ كُلَّ أَخْذٍ يَكُونُ فِيهِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ وَإِثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطَلَةِ مَعًا هُوَ غَصْبٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ.

مَثَلًا: لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ دَابَّةَ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ وَقَصَدَ إلَى جِهَةٍ أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا حِمْلًا فَيَكُونُ قَدْ غَصَبَ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ كَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ دَابَّتَهُ الْمُشْتَرَكَةَ مَعَ آخَرَ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ كَانَ غَاصِبًا وَضَامِنًا فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إزَالَةَ يَدٍ مُحَقَّةٍ وَإِثْبَاتَ يَدٍ مُبْطَلَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحَقَّةِ، تَكُونُ بِإِزَالَةِ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ مِنْ مِلْكِهِ بِفِعْلٍ وَاقِعٍ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ آنِفًا، وَيَخْرُجُ بِهَذَا الْقَيْدِ سَبْعُ مَسَائِلَ آتِيَةٌ مِنْ تَعْرِيفِ الْغَصْبِ.

أَوَّلًا، الْمَالُ الَّذِي يُرَافِقُ الْمَغْصُوبَ بِدُونِ صُنْعِ الْغَاصِبِ لَا يُعَدُّ مَغْصُوبًا.

مَثَلًا، لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ فَرَسًا فَتَبِعَ الْفَرَسَ مُهْرُهَا أَوْ دَابَّةٌ أُخْرَى وَافْتَرَسَتْهُ الذِّئَابُ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ التَّابِعِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمِعْرَاجِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ قَدْ سَاقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ صُنْعٌ وَفِعْلٌ مِنْ الْغَاصِبِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُهْرَ يُسَاقُ لِسَوْقِ الْفَرَسِ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ) .

ثَانِيًا: لَوْ أَبْعَدَ أَحَدٌ آخَرَ عَنْ مَوَاشِيهِ فَضَاعَتْ الْمَوَاشِي الْمَذْكُورَةُ فَلَا يَكُونُ غَاصِبًا وَضَامِنًا الْمَوَاشِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>