يَدِ الْغَاصِبِ عَلَى التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكُ مُقَابِلُ بَدَلٍ مُعَيَّنٍ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَأَصْحَبَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مُبَادَلَةٌ بَيْنَهُمَا (الْجَوْهَرَةُ) .
ثَانِيًا، وَلَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ وَأَعَادَهَا إلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَانَ بَرِيئًا مَثَلًا لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ السَّاعَةَ الْمَغْصُوبَةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَقَبِلَهَا وَتَسَلَّمَهَا بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّهَا الْمَالُ الَّذِي غُصِبَ مِنْهُ كَانَ الْغَاصِبُ بَرِيئًا كَذَلِكَ لَوْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَكَلَهُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهُ قَدْ غُصِبَ مِنْهُ يَكُونُ الْغَاصِبُ بَرِيئًا كَذَلِكَ لَوْ أَلْبَسَ الْغَاصِبُ الْأَلْبِسَةَ الْمَغْصُوبَةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَانَ بَرِيئًا (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ غَيْرَ رَدِّ الْعَيْنِ لَمَا بَرِئَ الْغَاصِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ دُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَالِمًا أَنَّهُ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي قَبْضِ الْبَدَلِ ثَالِثًا، لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ مُبَيِّنًا أَنَّهُ سَيُعْطِي بَدَلَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٨٩١) صَدَّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ أَوْ أَثْبَتَ الْغَاصِبُ هَلَاكَهُ وَإِنْ كَانَ يَنْتَقِلُ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَى الْبَدَلِ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُثْبِتَ الْغَاصِبُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ، وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وُجُودَهُ وَطَلَبَ الْعَيْنَ غَيْرَ رَاضٍ بِالْبَدَلِ فَلِلْحَاكِمِ إنْ شَاءَ عَدَمَ التَّعْجِيلَ بِالْحُكْمِ بِالْبَدَلِ وَأَنْ يَحْبِسَ الْغَاصِبَ حَتَّى يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِمَا آلَ إلَيْهِ الْمَغْصُوبُ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ أَمَّا مُدَّةُ الْحَبْسِ فَهِيَ مُفَوَّضَةٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي وَلَيْسَ لَهَا حَدٌّ مَعْلُومٌ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي حَبْسِ الْمَدِينِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ الطَّحْطَاوِيُّ وَسَبَبُ الْحَبْسِ الْمَذْكُورِ هُوَ: أَنَّ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ فِي الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ هُوَ رَدُّ الْعَيْنِ وَالْأَصْلُ هُوَ بَقَاؤُهَا وَالْغَاصِبُ يَدَّعِي أَمْرًا عَارِضًا وَخِلَافَ الظَّاهِرِ يَعْنِي يَدَّعِي الْهَلَاكَ وَيَرْغَبُ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْعَيْنِ الْمَغْصُوبِ وَتَبْدِيلِهَا بِالْبَدَلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ الْهَلَاك وَعَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ حَبْسِهِ الْغَاصِبَ مُدَّةً كَهَذِهِ فَيَحْكُمُ أَيْضًا بِالْبَدَلِ إذَا رَضِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِهِ بِلَا حَبْسٍ وَلِلْقَاضِي أَيْضًا الْحُكْمُ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ بِدُونِ حَبْسِ الْغَاصِبِ لَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْبَدَلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْجَوْهَرَةُ) .
وَالْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ عِنْدَ فَرِيقٍ آخَرَ مِنْ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْبَدَلُ أَيْ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ أَمَّا رَدُّ الْعَيْنِ فَمَخْلَصٌ.
وَيَتَفَرَّعُ عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ هَذَا بَعْضُ الْمَسَائِلِ وَهِيَ: أَوَّلًا لَوْ أَبْرَأَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ وَعَيْنُ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِهِ أَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِلْغَاصِبِ: جَعَلْتُكَ فِي حِلٍّ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ يَكُونُ صَحِيحًا عَلَى أَنَّهُ إبْرَاءٌ مِنْ الضَّمَانِ أَوْ تَحْلِيلٌ لَهُ وَبِمَا أَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِسَبَبِ هَذَا الْإِبْرَاءِ وَالتَّحْلِيلُ يَنْقَلِبُ أَمَانَةً فَلَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَعْدَئِذٍ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ ضَمَانٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاجِبُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْقِيمَةُ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْعَيْنِ فَيَقْتَضِي أَلَّا يَكُونَ هَذَا صَحِيحًا أَيْضًا (سَعْدِي جَلَبِ عَلَى الْعِنَايَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ الطَّحْطَاوِيُّ، وَالْخَانِيَّةُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute