للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَانِيًا: تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْبَدَلُ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ كَفَالَةٌ بِالْعَيْنِ وَهَذِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ.

ثَالِثًا: يَصِحُّ إعْطَاءُ الرَّهْنِ فِي مُقَابِلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ.

وَلَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ رَدَّ الْعَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ الْقِيمَةَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا بِالْعَيْنِ وَلَا يَصِحُّ هَذَا (الْجَوْهَرَةُ)

. رَابِعًا، إذَا وُجِدَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مَالٌ بِمِقْدَارِ نِصَابِ الزَّكَاةِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ يَنْقُصُ عَنْ النِّصَابِ بِسَبَبِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الزَّكَاةُ (السَّعْدِيّ وَالْعِنَايَةُ) أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَدَلُ لَيْسَ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ وَجَبَ عَدَمُ تَنَاقُصِ نِصَابِ الزَّكَاةِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمَارِّ ذِكْرُهُمَا ضَعِيفٌ جِدًّا وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ وَظَاهِرُ الْمِنَحِ مُرَجِّحٌ هَذَا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَيُجَابُ أَنَّهُ تُوجَدُ شُبْهَةُ وُجُودٍ فِي الشَّيْءِ الْمَعْرُوضِ لِلْوُجُودِ فِي الْحَالِ، وَالْقِيمَةُ وَالْبَدَلُ فِي الْغَصْبِ هُمَا كَهَذَا (أَبُو السُّعُودِ، وَفَتْحُ الْقَدِيرِ)

. ٧ - فِي الْحَالِ: مَثَلًا لَوْ زَرَعَ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ وَاقْتَرَبَ زَرْعُهَا مِنْ الْإِدْرَاكِ. فَلَا يَلْزَمُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ الِانْتِظَارُ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ. وَيُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى قَلْعِ زَرْعِهِ فِي الْحَالِ وَرَدِّ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَا يَجْرِي فِي هَذَا حُكْمٌ مُمَاثِلٌ لِحُكْمِ الْمَادَّةِ (٢٦ ٥) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَذَلِكَ لَوْ غَرَسَ الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ شَجَرًا ثُمَّ خَاصَمَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَقْتَ الصَّيْفِ طَالِبًا قَلْعَ الْأَشْجَارِ فَقَالَ الْغَاصِبُ لِتَبْقَ إلَى وَقْتِ الرَّبِيعِ ثُمَّ انْقِلْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاغْرِسْهَا فِي مَحِلٍّ آخَرَ فَلَا يُسْمَحُ لَهُ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ لَكِنْ تُسْتَثْنَى ثَلَاثُ مَسَائِلُ مِنْ هَذَا أَيْ مِنْ رَدِّ الْمَغْصُوبِ حَالًا.

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ زَوْرَقًا فَلَحِقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ حَالًا وَيُؤَجَّرُ لِلْغَاصِبِ إلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى السَّاحِلِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ دَابَّةً وَفَرَّ بِهَا فَلَحِقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي الْمَفَازَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فِي الْحَالِ بَلْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْهُ لِحِينِ الْوُصُولِ إلَى مَأْمَنٍ (الْخَانِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ ظَرْفًا فَوَضَعَ فِيهِ زَيْتَهُ وَخَرَجَ إلَى الطَّرِيقِ، فَلَحِقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الظَّرْفَ لِحِينِ أَنْ يَتَدَارَكَ ظَرْفًا آخَرَ، وَيُؤَجِّرُ الظَّرْفَ لَهُ إلَى ذَلِكَ الْحِينِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٨٣٨) .

٨ - يَلْزَمُ رَدُّهُ وَتَسْلِيمُهُ: يَثْبُتُ لُزُومُ الرَّدِّ بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَالْعَقْلِيِّ فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» يَعْنِي عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ عَيْنًا إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَبَدَلًا إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا الزَّيْلَعِيّ، الْعِنَايَةُ، أَبُو السُّعُودِ.

وَنُورِدُ الدَّلِيلَ الْعَقْلِيَّ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي أَيْضًا: إنَّ الْغَاصِبَ بِغَصْبِهِ الْمَغْصُوبَ يُزِيلُ يَدَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْيَدَ مَقْصُودَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَتَوَصَّلُ بِالْيَدِ إلَى تَحْصِيلِ ثَمَرَاتِ مِلْكِهِ وَثَمَرَاتُ الْمِلْكِ هِيَ الِانْتِفَاعُ بِهِ الزَّيْلَعِيّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٧) وَشَرْحَهَا.

يَعْنِي لَوْ غُصِبَتْ الْبَقَرَةُ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ إزَالَةَ يَدِ صَاحِبِهَا عَنْهَا وَحِرْمَانَهُ مِنْ لَبَنِهَا وَإِنْتَاجِهَا.

وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ فَسْخُ الْغَصْبِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ مَدْيُونِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ لِمَدْيُونِهِ حَالًا.

وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعَادَتِهِ بِقَوْلِ لَا أُعْطِيهِ إيَّاهُ مَا لَمْ يَفِي دَيْنِي أَوْ إنَّنِي أَحْبِسُهُ عَلَى أَنَّهُ رَهْنٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِي (النَّتِيجَةُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>