الْحَبْسِ مُحَوَّلَةٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي وَكَمَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ حَبْسِهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ يَحْكُمُ بِالْبَدَلِ أَيْضًا بِدُونِ حَبْسٍ إذَا رَضِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْبَدَلِ وَفِي الذَّخِيرَةِ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ أَيْ بِدُونِ حَبْسِ الْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ فَيَظْهَرُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ وَالْمَفْضُولِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٨٩٠)
٧ - إذَا حَصَلَ نُقْصَانٌ لَقِيمَتِهِ: لَوْ عَوِرَتْ عَيْنُ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ أَوْ هَزَلَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ ضَامِنًا. وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٠٠) (اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ ٩١٨ و ٩٢٠) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ٨ - الْحَالُ: أَيْ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ مُعَاوَضَةً ضَرُورِيَّةً فَلَا يَلْحَقُهَا تَأْجِيلٌ فَلِذَلِكَ إذَا أَجَّلَ صَاحِبُ الْمَالِ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ الَّذِي يَلْزَمُ الْغَاصِبَ بَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ فَلَا يَكُونُ الْأَجَلُ صَحِيحًا كَذَلِكَ لَا تَلْحَقُ هَذِهِ الْمُعَاوَضَةَ زِيَادَةٌ أَيْضًا عَلِيٌّ أَفَنْدِي.
أَمَّا تَأْجِيلُ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ فَصَحِيحٌ فَلَا يَرْجِعُ عَنْهُ بَعْدُ الْأَنْقِرْوِيُّ فَإِذَا كَانَ مَالُ الْغَصْبِ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَتِهِ فِي زَمَنِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْقَطِعًا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ مِثْلِهِ أَيْضًا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَقِيمَتِهِ إذَا كَانَ وُجُودُهُ نَادِرًا، لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إذَا كَانَ مَيِّتًا. وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِهَذَا، وَبِإِبْرَاءِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَهُ، وَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْإِثْمِ بَعْدَ أَدَاءِ الْبَدَلِ بِلَا تَوْبَةٍ الْقُهُسْتَانِيُّ. ٩ - قِيمَتُهُ فِي زَمَانِ وَمَكَانِ الْغَصْبِ: قَدْ لَزِمَتْ الْقِيمَةُ هُنَا، لِأَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ ثَابِتٌ فِي صُورَةِ الْمَغْصُوبِ وَفِي مَعْنَاهُ مَعًا أَيْ ثَابِتٌ فِي قِيمَتِهِ وَلَمَّا كَانَ مَعْنَى الشَّيْءِ عِبَارَةً عَنْ قِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَانَ الْمَعْنَى أَصْلًا وَالصُّورَةُ تَابِعَةً لَهُ وَلَمَّا كَانَ مِنْ الْمُتَعَذَّرِ أَيْضًا اعْتِبَارُ الصُّورَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ مِثْلِهَا فَيُعْتَبَرُ الْمَعْنَى فَقَطْ أَيْ الْقِيمَةُ، وَبِذَلِكَ يُدْفَعُ الضَّرَرُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (الْعَيْنِيُّ، وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى إذْ الْأَجْسَامُ مُتَمَاثِلَةٌ لِتَجَانُسِ الْجَوَاهِرِ الْفَرْدَةِ وَالْمُجَرَّدَاتُ غَيْرُ ثَابِتَةٍ (الْعِنَايَةُ، السَّعْدِيُّ الشِّبْلِيُّ) وَتَحْقِيقُ هَذَا هُوَ: الْمِثْلُ نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمِثْلُ الْكَامِلُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمِثْلِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَالْأَصْلُ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ هُوَ هَذَا.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْمِثْلُ الْقَاصِرُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمِثْلِ مَعْنًى وَهَذَا هُوَ الْقِيمَةُ فَإِذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِالْأَصْلِ مُمْكِنًا فَالْقَضَاءُ بِالْقَاصِرِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، لِأَنَّ الْقَاصِرَ خَلَفٌ لِلْأَصْلِ الْكَامِلِ وَمَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْأَصْلُ فَلَا يُصَارُ إلَى الْخَلَفِ (الْفَتْحُ الْقَدِيرُ) وَيُطْلِقُ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى ضَمَانِ الْقِيمَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الْقَضَاءُ الْمَحْضُ بِالْمِثْلِ الْمَعْقُولِ الْقَاصِرِ) وَيَكُونُ قَاصِرًا لِأَنَّ الْبَدَلَ أَيْ الْقِيمَةَ هِيَ مِثْلُ الْمَغْصُوبِ مَعْنًى فَقَطْ وَلَيْسَ مِثْلَهُ صُورَةً (شَرْحُ الْمَجَامِعِ) ٠ ١٠ - تَلْزَمُ الْقِيمَةُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ. لِأَنَّ الْقِيَمَ تَتَفَاوَتُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَالْأَزْمَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute