(وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) وَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ الْحَيَوَانَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَتَلَفَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَرِيضٌ (الْجَوْهَرَةُ) . اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: هُنَاكَ صُورَتَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا: أَوَّلُهُمَا، أَنْ يَتْلَفَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. ثَانِيهُمَا أَنْ يَسْتَهْلِكَهُ الْغَاصِبُ.
وَفِي كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الِاحْتِمَالَاتِ سِتَّةً: (١) أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ مُسَاوِيَةً لَقِيمَتِهِ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ.
(٢ و ٣) أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ زِيَادَةٌ وَفِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ نُقْصَانٌ.
(٤ و ٥) أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ نُقْصَانٌ وَفِي قِيمَتِهِ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ زِيَادَةٌ. تَلْزَمُ الْقِيمَةُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ الْأُوَلِ فَعَلَيْهِ لَوْ تَلَفَ بَعْدَ أَنْ حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ فِي سِعْرِهِ وَقِيمَتِهِ أَوْ فِي بَدَنِهِ وَهُوَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَزِمَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ، وَلَا يُعْتَبَرُ ازْدِيَادُ الْقِيمَةِ فِي زَمَنِ التَّلَفِ. وَلَوْ تَلَفَ الْمَغْصُوبُ بَعْدَ أَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ نُقْصَانٌ فِي سِعْرِهِ وَقِيمَتِهِ أَوْ بَدَنِهِ بَعْدَ الْغَصْبِ أَوْ أُتْلِفَ أَوْ اُسْتُهْلِكَ مِنْ طَرَفِ الْغَاصِبِ لَزِمَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ دُخُولُ الْمَغْصُوبِ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ سَابِقًا هَلَاكَهُ فَقِيمَةُ الْمَغْصُوبِ الْمُعْتَبَرَةُ هِيَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ (الْهِدَايَةُ) . كَذَلِكَ إذَا تَسَاوَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ مَعَ قِيمَتِهِ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ إلَّا أَنَّ الْقِيمَةَ قَدْ ازْدَادَتْ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ فَنُقْصَانُ الْقِيمَةِ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلضَّمَانِ، فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الدَّابَّةَ الَّتِي تُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ فَارْتَفَعَتْ قِيمَتُهَا لِأَلْفَيْ قِرْشٍ لِحُصُولِ الزِّيَادَةِ فِي بَدَنِهَا كَسَمْنِهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ قِيمَتُهَا إلَى أَلْفِ قِرْشٍ لِحُصُولِ نَقْصٍ فِي بَدَنِهَا وَتَلِفَتْ يَلْزَمُ ضَمَانُ أَلْفِ الْقِرْشِ الَّذِي هُوَ قِيمَتُهَا وَقْتَ الْغَصْبِ وَلَا يُسْأَلُ الْغَاصِبُ عَنْ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الْقَبْضُ، فَلَا تَكُونُ مَضْمُونَةً لِارْتِفَاعِ السِّعْرِ وَلِأَنَّهَا زِيَادَةٌ حَصَلَتْ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ كَمَا هَلَكَتْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ (الْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا فِي الصُّورَةِ السَّادِسَةِ أَيْ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بَعْدَ أَنْ حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ فِيهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْغَصْبِ أَنْقَصَ وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ أَزْيَدَ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ تَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْغَصْبِ. وَتَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ قِيمَتُهُ وَقْتَ الِاسْتِهْلَاكِ (الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الْغَصْبِ) لِأَنَّهُ عَلَى الْغَاصِبِ الرَّدُّ فِي حَالِ الزِّيَادَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ هَكَذَا أَيْضًا (الْبَاجُورِيُّ) وَيُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَجَلَّةِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ.
وَلْنُوَضِّحْ هَذَا بِمِثَالٍ: لَوْ اسْتَهْلَكَ الشَّاةَ الَّتِي غَصَبَهَا وَاَلَّتِي قِيمَتُهَا وَقْتَ الْغَصْبِ دِينَارَانِ وَبَعْدَ أَنْ سَمِنَتْ عِنْدَهُ وَصَارَتْ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ ذَبَحَهَا وَاسْتَهْلَكَهَا يَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إعْطَاءُ دِينَارَيْنِ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَلَا يَلْزَمُ إعْطَاءُ الدَّنَانِيرِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي هِيَ قِيمَتُهَا وَقْتَ الذَّبْحِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ حَصَلَتْ زِيَادَةٌ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ أَنْ غَصَبَهُ الْغَاصِبُ وَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْمَغْصُوبُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ وَقْتَ اسْتِهْلَاكِهِ بِبَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ بَعْدَ الْغَصْبِ يَعْنِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ عِنْدَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي الْأَنْقِرْوِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute