للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتَ الْغَصْبِ أَلْفُ قِرْشٍ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ وَالْقِيمَةِ فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِإِعْطَاءِ قِيمَتِهِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ آخَرُ وَادَّعَى أَنَّ الْفَرَسَ مِلْكُهُ وَقَدْ غُصِبَتْ مِنْهُ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ فَيَحْكُمُ بِأَلْفِ الْقِرْشِ الْمَذْكُورِ لِلْمُدَّعِي الثَّانِي وَلَا يَأْخُذُ الْمُدَّعِي الْأَوَّلُ الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا. لِأَنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي الثَّانِي قَدْ ثَبَتَتْ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي هِيَ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ.

إلَّا أَنَّهُ إذَا أَوْصَلَ الْأَلْفَ الْمَذْكُورَ بِعَيْنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى يَدِ الْغَاصِبِ بِوَجْهٍ مَا كَأَنْ وَهَبَهُ إلَيْهِ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ مِنْهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ بَاعَهُ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الصَّرْفِ فَيَلْزَمُهُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ. وَالْفَرَسُ الْمَغْصُوبُ إذَا مَاتَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَأَقَرَّ الْغَاصِبُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ غَصَبَهُ مِنْ فُلَانٍ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْقِيمَةِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ فَرَسُهُ وَغَصَبَهُ مِنْهُ وَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا قَضَى بِالْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الْبَيِّنَةِ وَأَخَذَهَا لَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ وَصَلَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ بِعَيْنِهَا إلَى الْغَاصِبِ مِنْ جِهَةِ الْمَقْضِيِّ لَهُ بِالْهِبَةِ أَوْ بِالْإِرْثِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ أَوْ بِالْمُبَايَعَةِ يُؤْمَرُ بِرَدِّهَا إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ وَصَلَ بِالْهِبَةِ أَوْ الْمُبَايَعَةِ لَا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ وَصَلَ بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) .

وَإِذَا قَالَ الْغَاصِبُ فِي إقْرَارِهِ: نَحْنُ غَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَكُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ يُحْكَمُ عَلَى هَذَا الْغَاصِبِ الْمُقِرِّ بِجَمِيعِ الدَّنَانِيرِ الْعَشَرَةِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ الْغَصْبِ) . وَلَا يُقَالُ إنَّ الْغَاصِبِينَ عَشَرَةُ أَشْخَاصٍ وَالْمَغْصُوبُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْهُمْ دِينَارًا وَاحِدًا. لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَقُولُ (نَحْنُ غَصَبْنَا مِنْ هَذَا الْمُدَّعِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ) يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَدْ غَصَبَهَا مُسْتَقِلًّا. لِأَنَّ كَلِمَةَ (نَحْنُ) تُسْتَعْمَلُ أَيْضًا لِلْوَاحِدِ وَيَكُونُ بِقَوْلِهِ (وَكُنَّا عَشَرَةَ أَشْخَاصٍ) قَدْ رَجَعَ، لَكِنْ لَوْ قَالَ الْغَاصِبُ غَصَبْتُ أَنَا وَتِسْعَةُ الْأَشْخَاصِ الْفُلَانِيِّينَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقِرَّ يَضْمَنُ دِينَارًا وَاحِدًا فَقَطْ. مَا لَمْ يَثْبُتْ غَصْبُهُ لِجَمِيعِهَا (الشَّارِحُ) . إذَا أَنْكَرَ الْغَاصِبُ الْغَصْبَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَإِذَا أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ شُهُودًا تَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِالْغَصْبِ أَوْ شَهِدُوا بِمُعَايَنَتِهِمْ فِعْلَ الْغَصْبِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى إحْضَارُ الْمَنْقُولِ الْمَغْصُوبِ إلَى مَجْلِسِ الْمُحَاكَمَةِ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (١٦٢١) لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَمْتَنِعَ الْغَاصِبُ عَنْ إحْضَارِ الْمَغْصُوبِ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ أَيْضًا بَيَانُ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ يُمْكِنُهُمْ مُعَايَنَةُ فِعْلِ الْغَصْبِ حِينَ الْغَصْبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُمْ الِاطِّلَاعُ عَلَى أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ فَلِهَذِهِ الْمَعْذِرَةُ سَقَطَ مِنْ الِاعْتِبَارِ عِلْمُ الشُّهُودِ بِأَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . صُورَةُ حَلِّ وَفَصْلِ الِاخْتِلَافِ فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ: إذَا اتَّفَقَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فَلَا رَيْبَ بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ، أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَيُحْكَمُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي يَدَّعِي بِهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَيُثْبِتُهَا لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ قَدْ أَثْبَتَ مُدَّعِيًا بِالْبَيِّنَةِ الْمُلْزِمَةِ (الْهِدَايَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٧٥ و ٧٦) كَمَا أَنَّهُ يُحْكَمُ بِبَيِّنَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِيمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ. لِأَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ فِي قِيمَةِ شَيْءٍ يَعْنِي شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ الشَّيْءِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَشَهِدَ اثْنَانِ آخَرَانِ عَلَى أَنَّهَا تِسْعَةٌ فَبِمَا أَنَّ بَيِّنَةَ الْأَقَلِّ نَافِيَةٌ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْأَكْثَرِ وَيَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ (الْأَشْبَاهُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>