للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ بَدَلَهُ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا وَلَمْ يُعْطِ الْغَاصِبَ شَيْئًا وَلَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ قُمَاشَ كَتَّانٍ طربزوني عُدَّ لَأَنْ يُعْمَلَ قَمِيصًا ضَيِّقًا فَصَبَغَهُ أَسْوَدَ فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الصِّبْغَةَ مُوجِبَةٌ نُقْصَانَ ذَلِكَ الْقُمَاشِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ. فَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ بَدَلَهُ.

وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ عَيْنًا وَلَا يُعْطِي شَيْئًا لِلْغَاصِبِ (الْجَوْهَرَةُ) وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخِرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ تُفْرَضُ أَنَّ تِلْكَ الصِّبْغَةَ فِي قُمَاشٍ آخَرَ تُوجِبُ فِيهِ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ فَتُعْطَى الزِّيَادَةُ لِلْغَاصِبِ. مَثَلًا إذَا كَانَ قِيمَةُ الْقَمِيصِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي الْآسِتَانَة مِنْ قُمَاشِ كَتَّانٍ طربزوني قَبْلَ الصَّبْغِ ثَلَاثِينَ قِرْشًا وَكَانَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الصَّبْغِ عِشْرِينَ قِرْشًا أَيْ إذَا حَصَلَ نُقْصَانٌ فِي قِيمَتِهِ عَشَرَةَ قُرُوشٍ بِسَبَبِ الصَّبْغِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ تُفْرَضُ تِلْكَ الصَّبْغَةُ فِي قُمَاشٍ آخَرَ تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِيهِ فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الصِّبْغَةُ تُوجِبُ الزِّيَادَةَ خَمْسَةَ قُرُوشٍ فِي قُمَاشٍ آخَرَ فَيَأْخُذُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قُمَاشَ الْكَتَّانِ مَعَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ خَمْسَةَ قُرُوشٍ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ وَتَكُونُ خَمْسَةُ الْقُرُوشِ الْأُخْرَى مُقَابِلَةً لِلْخَمْسَةِ الْقُرُوشِ زِيَادَةَ الصِّبْغَةِ إذْ إنَّهُ كَمَا أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ عَشْرَةَ قُرُوشٍ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ الصِّبْغَةِ فَلِلْغَاصِبِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ خَمْسَةَ الْقُرُوشِ قِيمَةَ الصِّبْغَةِ فَعَلَيْهِ إذَا طُرِحَتْ خَمْسَةُ الْقُرُوشِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْعَشَرَةِ قُرُوشٍ الَّتِي يَحِقُّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَخْذُهَا كَانَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَأْخُذَ خَمْسَةَ الْقُرُوشِ الْبَاقِيَةَ مِنْ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ فَقَطْ (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَقَدْ قَالَ الزَّيْلَعِيّ مَعَ أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقَّ أَخْذِ تَمَامِ الْمَغْصُوبِ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ تَمَامُ الْمَغْصُوبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَنْتَفِعْ مِنْ الصِّبْغِ بَلْ سَبَّبَ الصِّبْغُ تَلَفَ مَالٍ أَيْ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ فَإِلْزَامُهُ فَضْلًا عَنْ ذَلِكَ بِأَدَاءِ قِيمَةِ الصِّبْغَةِ أَمْرٌ مُشْكِلٌ انْتَهَى.

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ سَالِمٌ مِنْ مِثْلِ هَذَا الِاعْتِرَاضِ وَقَدْ رَجَحَ. مَثَلًا لَوْ صَبَغَ الْغَاصِبُ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ وَازْدَادَتْ بِذَلِكَ قِيمَةُ الْقُمَاشِ يُجْبَرُ صَاحِبُهُ أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِأَنَّ تَفْرِيقَ الصِّبْغَةِ عَنْ الْقُمَاشِ مُتَعَذَّرٌ عَلَى أَحَدِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ (١) إنْ شَاءَ تَرَكَ الْقُمَاشَ الْمَصْبُوغَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ الْقُمَاشَ فَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ ضَمَّنَهُ فَقِيمَتُهُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ ضَمَّنَهُ مِثْلَهُ غَيْرَ مَصْبُوغٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١١١٩) (٢) وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الْغَاصِبَ قِيمَةَ الصِّبْغِ يَعْنِي أَنَّهُ يُعْطِي الْغَاصِبَ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ الصِّبْغِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ مِنْ النُّقُودِ وَيَسْتَرِدُّ الْقُمَاشَ عَيْنًا وَهُوَ مَصْبُوغٌ وَيُعَيَّنُ ثَمَنُ الصِّبَاغَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: أَوَّلًا - يُقَوَّمُ الْقُمَاشُ وَهُوَ مَصْبُوغٌ ثَانِيًا يُقَوَّمُ وَهُوَ غَيْرُ مَصْبُوغٍ. فَمَا كَانَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الْفَرْقِ وَالتَّفَاوُتِ هُوَ ثَمَنُ الصِّبَاغَةِ (٣) وَإِنْ شَاءَ بَاعَ الْقُمَاشَ صَاحِبَهُ فَيُضْرَبُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي قِيمَةِ الْقُمَاشِ غَيْرِ مَصْبُوغٍ فَيَأْخُذُهُ صَاحِبُ الْقُمَاشِ وَيُضْرَبُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَيْضًا فِي زِيَادَةِ الصِّبَاغَةِ وَيَأْخُذُهُ الْغَاصِبُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي) . وَتَخْيِيرُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَدْ نُظِرَ فِيهِ إلَى مَنْفَعَةِ الطَّرَفَيْنِ وَرُوعِيَ حَقُّهُمَا يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ رُوعِيَ حَقُّ الْغَاصِبِ وَالْمَالِكِ مَعًا وَفِي ذَلِكَ صِيَانَةٌ لِحَقِّ الطَّرَفَيْنِ أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ. سُؤَالٌ - إنَّ هَذَا الْخِيَارَ قَدْ خُصِّصَ بِصَاحِبِ الثَّوْبِ فَلِمَاذَا لَمْ يُخَصَّصْ بِالْغَاصِبِ صَاحِبِ الصِّبْغِ

<<  <  ج: ص:  >  >>