فَيُقَالُ إنَّ الْغَاصِبَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْقُمَاشَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الصِّبَاغِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقُمَاشَ وَدَفَعَ قِيمَتَهُ. جَوَابٌ - الْقُمَاشُ أَصْلٌ وَمَتْبُوعٌ وَالصِّبَاغَةُ وَصْفٌ وَتَابِعٌ. حَتَّى إنَّ الْقَوْلَ (ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ) يَدُلُّ عَلَى هَذَا. وَعَلَى هَذَا فَصَاحِبُ الثَّوْبِ صَاحِبُ الْأَصْلِ.
أَمَّا صَاحِبُ الصَّبْغِ فَصَاحِبُ وَصْفٍ فَعَلَيْهِ قَدْ كَانَ تَخْيِيرُ صَاحِبِ الثَّوْبِ أَوْلَى (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالْجَوْهَرَةُ) . لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْقُمَاشَ بَعْدَ أَنْ صَبَغَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي وَغَابَ الْغَاصِبُ ثُمَّ حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْقُمَاشِ وَحُكِمَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِرَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْمَحْكُومِ أَنْ يَأْخُذَ كَفِيلًا عَنْ بَدَلِ الصِّبَاغَةِ مِنْ صَاحِبِ الْقُمَاشِ وَيَنْقَضِي الْبَيْعُ بِهَذَا الْحُكْمِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . لَوْ صَبَغَ الرَّاهِنُ الثَّوْبَ الْمَرْهُونَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَكَمَا أَنَّهُ يَخْرُجُ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَيَضْمَنُ الرَّاهِنُ قِيمَتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَوْ رَهَنَ الثَّوْبَ وَالصِّبَاغَ مَعًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُمَا مَعًا وَصَبَغَ الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ الثَّوْبَ الْمَذْكُورَ بِذَلِكَ الصِّبَاغِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ بَدَلَيْ الثَّوْبِ وَالصِّبَاغِ. وَإِنْ شَاءَ قَبِلَ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ رَهْنًا (فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْغَصْبِ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١ ٧٤) ، وَشَرْحَهَا.
إيضَاحُ قُيُودِ الْمِثَالِ:
١ - الْقُمَاشُ، هَذَا الْقَيْدُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا غَصَبَ الْغَاصِبُ الصِّبَاغَ وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبَهُ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ صَاحِبُ الْقُمَاشِ الصِّبَاغَ وَبَعْدَ أَنْ صَبَغَ قُمَاشَهُ بَاعَهُ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الصِّبَاغِ مُرَاجَعَةُ الْمُشْتَرِي بَلْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْقُمَاشِ بَدَلَ الصِّبَاغِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) إنْ كَانَ يُكَالُ فَمِثْلُ كَيْلِهِ وَإِنْ كَانَ يُوزَنُ فَمِثْلُ وَزْنِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ أَخْذِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُصْفُرِ أَنْ يَحْبِسَ الثَّوْبَ لِأَنَّ الثَّوْبَ مَتْبُوعٌ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ (الْجَوْهَرَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَارًا فَجَصَّصَهَا فَعَلَى صَاحِبِ الدَّارِ عِنْدَ اسْتِرْدَادِهِ الدَّارَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ مَعَ التَّجْصِيصِ أَوْ يَقْبَلَ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاصِبُ كِلْسَهُ الْأَنْقِرْوِيُّ وَلِلْغَاصِبِ أَخْذُ كِلْسِهِ فِي حَالَةِ بَقَاءِ الْكِلْسِ بَعْدَ النَّقْضِ مَالًا أَيْ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٢٩ ٥) وَيُقَالُ لَهَا الْمَرَمَّةُ غَيْرُ الْمُسْتَهْلَكَةِ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنْ لَيْسَ لِلْمَنْقُوضِ قِيمَةٌ أَصْلًا بَعْدَ النَّقْضِ كَالصِّبَاغِ وَالْكِلْسِ الَّذِي طَلَى بِهِ الْحَائِطَ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَكَذَا لَوْ نَقَشَهَا بِالْأَصْبَاغِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَعْطَى الْغَاصِبَ مَا زَادَهُ الصِّبَاغُ فِيهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) ٢ - إذَا صَبَغَ الْغَاصِبُ قَدْ أُسْنِدَ فِي هَذَا فِعْلُ الصَّبْغِ إلَى الْغَاصِبِ: لِأَنَّهُ إذَا صُبِغَ قُمَاشُ أَحَدٍ بِدُونِ صُنْعِ إنْسَانٍ كَأَنْ يَهُبَّ الرِّيحُ فَيُلْقِي الْقُمَاشَ فِي إنَاءِ الصَّبْغِ فَيُصْبَغُ فَلَا يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ صَاحِبُ الْقُمَاشِ بِالْخِيَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَجَلَّةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَرَاضَى الطَّرَفَانِ عَلَى شَيْءٍ جَازَ ذَلِكَ التَّرَاضِي وَإِلَّا جَرَتْ الْمُعَامَلَةُ عَلَى الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ.
(١) أَنْ يُؤَدِّيَ صَاحِبُ الْقُمَاشِ بَدَلَ الصِّبَاغِ لِصَاحِبِهِ (٢) ، أَنْ يَصِيرَ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute