كَأَنْ اسْتَهْلَكَ هَذِهِ الزَّوَائِدَ أَوْ بَاعَهَا وَسَلَّمَهَا لِآخَرَ أَوْ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ لَدَى طَلَبِ صَاحِبِهِ إيَّاهُ كَانَ ضَامِنًا (الطَّحْطَاوِيُّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ:
١ - الزَّوَائِدُ: يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ الزَّوَائِدِ مُطْلَقًا أَنَّهَا مَالُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الَّذِي هُوَ صَاحِبُهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَالسَّمْنِ وَالصُّوفِ وَكِبَرِ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَالْوَلَدِ وَالْبَيْضِ وَثَمَرَةِ الْبُسْتَانِ. يَعْنِي أَنَّ نَوْعَيْ الزَّوَائِدِ هَذِهِ مُتَّحِدَانِ فِي كَوْنِهِمَا مَالًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَوْنُهَا فِي حُكْمِ الْأَمَانَةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (الْجَوْهَرَةُ) .
مَثَلًا: لَوْ كَبُرَ الْحَيَوَانُ الْمَغْصُوبُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ أَخَذَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ إعْطَاءُ مَصْرُوفَاتِهِ كَالنَّفَقَةِ وَأُجْرَةِ الْمُحَافَظَةِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْأَرْضَ الْمَزْرُوعَةَ وَسَقَاهَا كَانَتْ الْمَزْرُوعَاتُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ. وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْ الْمَصْرُوفَاتِ فِي هَذَا السَّبِيلِ. فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَصْرُوفَاتِهِ فِي سَبِيلِ سَقْيِهِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ نَخِيلًا فَلَقَّحَهَا وَسَقَاهَا وَصَرَفَ فِي هَذَا الْبَابِ مَصْرُوفَاتٍ فَتَكُونُ الْمَحْصُولَاتُ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا يَحِقُّ لِلْغَاصِبِ طَلَبُ الْمَصْرُوفَاتِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . ٢ - الْحَاصِلَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ: وَكَوْنُ هَذِهِ الزَّوَائِدِ أَمَانَةً وَمَالًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ:
الْقَيْدُ الْأَوَّلُ: الْحُصُولُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. يَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّوَائِدِ هُنَا الزَّوَائِدُ الْحَاصِلَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. أَمَّا الزَّوَائِدُ الْمَوْجُودَةُ وَهِيَ فِي يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ الزَّوَائِدِ فِي مَبْحَثِ الْغَصْبِ فَلِذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي الزَّوَائِدِ الْمَذْكُورَةِ الِاخْتِلَافُ الْآتِي وَالزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مَضْمُونَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي مِثَالَيْهَا الْآتِيَيْنِ إلَى ذَلِكَ بِتَقْيِيدِهَا الزَّوَائِدَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ مَثَلًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ كَرْمًا أُدْرِكَ ثَمَرُهُ وَهُوَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَلَا يَكُونُ الْعِنَبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ بَلْ يَكُونُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَلِذَلِكَ لَوْ تَلِفَ الْعِنَبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ مَضْمُونًا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الِاسْتِهْلَاكُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١ ٨٩) كَمَا أَنَّهُ إذَا غُصِبَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ كَانَتْ مَضْمُونَةً أَيْضًا عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) .
الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ وَبَيْنَ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ: تَفْتَرِقُ الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ عَنْ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ فِي الْحُكْمِ الْآتِي. وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ أَوْ بَاعَهَا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا لَزِمَ الضَّمَانُ بِالِاتِّفَاقِ. أَمَّا لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ أَوْ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهَا لَهُ فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَيَضْمَنُهَا الْغَاصِبُ وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٩١) إيضَاحُ ذَلِكَ وَسَتُبَيَّنُ آتِيًا الْأَمْثِلَةُ مَعَ أَدِلَّتِهَا.
الْقَيْدُ الثَّانِي: الْمُتَوَلِّدَةُ، يَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّوَائِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ الزَّوَائِدُ الْمُتَوَلِّدَةُ. وَلَيْسَ الزَّوَائِدَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ يَعْنِي أَنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ لَيْسَتْ مَالًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا مَضْمُونَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute