الْغَاصِبِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِلْعَدْلِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ قَلْعُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَدًّا لِبَابِ - الظُّلْمِ، وَيُفْهَمُ مِنْ فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ الْآنِفَةِ الذِّكْرِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ هَذَا الْقَوْلَ أَيْ قَوْلَ لُزُومِ الْقَلْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (الْعَيْنِيُّ) .
إنَّ إيقَاعَ الْغَاصِبِ الْغَصْبَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ اخْتِيَارًا بِخِلَافِ الْحَالِ الْوَاقِعَةِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (٩٠٢) فَهِيَ اضْطِرَارِيَّةٌ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسَائِلِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا فِي الْمَادَّةِ (٩٠٢) (التَّنْقِيحُ) . وَقَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ تَفْصِيلَاتِهَا اللَّازِمَةِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ التَّنْقِيحِ. وَقَدْ أَتْبَعَ الْبَعْضُ الْآخَرُ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْأَقَلَّ الْأَكْثَرَ. إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَقَلَّ وَقِيمَةُ الْأَرْضِ أَكْثَرَ فَكَمَا أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَيَتَمَلَّكَهُ فَلِصَاحِبِ الْبِنَاءِ أَيْضًا أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَيَتَمَلَّكَهَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَكْثَرَ وَقِيمَةُ الْأَرْضِ أَقَلَّ إلَّا أَنَّ شَيْخَ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ قَدْ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْإِفْتَاءِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. مُسْتَثْنَى مِنْ الِاخْتِلَافِ: إنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَارَّ الذِّكْرَ يَكُونُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَغْصُوبَةُ مِلْكَهُ أَمَّا إذَا كَانَتْ وَقْفًا فَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ وَالرَّدِّ مُطْلَقًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَإِذَا كَانَ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا بِالْأَرْضِ إذَا كَانَ يَحْدُثُ بِسَبَبِ الْقَلْعِ أَيُّ نُقْصَانٍ فَاحِشٍ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُفْسِدُهَا فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ ضَبْطُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ وَإِعْطَاءُ قِيمَتِهَا مُسْتَحَقَّةَ الْقَلْعِ. وَلَيْسَ رِضَاءُ الْغَاصِبِ فِي هَذَا شَرْطًا. لِأَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَنْفَعَةً لِلِاثْنَيْنِ كَمَا أَنَّهُ فِيهَا دَفْعُ الْمَضَرَّةِ عَنْهُمَا (الْهِدَايَةُ) . لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ لَمَّا كَانَا مَالَيْنِ لِلْغَاصِبِ فَعَدَمُ إعْطَائِهِمَا لِلْغَاصِبِ إضْرَارٌ بِهِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا أَنَّ فِي قَلْعِهِمَا وَتَسْلِيمِهِمَا ضَرَرًا يَلْحَقُ صَاحِبَ الْمَالِ أَيْ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ وَحَيْثُ إنَّ الضَّرَرَ مَمْنُوعٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (١٩) فَهُوَ لِذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ (الْعَيْنِيُّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ:
١ - إذَا كَانَ مُضِرًّا، هَذِهِ الْعِبَارَةُ قَدْ فُسِّرَتْ أَثْنَاء الشَّرْحِ بِالضَّرَرِ الْفَاحِشِ. لِأَنَّهُ إذَا فُهِمَ أَنَّهُ يَلْحَقُ الْأَرْضَ ضَرَرٌ قَلِيلٌ بِسَبَبِ الْقَلْعِ تُقْلَعُ الْأَشْجَارُ وَالْأَبْنِيَةُ وَيَلْزَمُ رَدُّ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ لِصَاحِبِهَا.
وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ٣ - مُسْتَحَقًّا لِلْقَلْعِ، وَلُزُومُ هَذِهِ الْقِيمَةِ نَاشِئٌ عَمَّا يَأْتِي: لَيْسَ لِلْغَاصِبِ حَقُّ الْقَرَارِ يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ إبْقَاءِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ. فَعَلَيْهِ لَا تَلْزَمُ قِيمَتُهُمَا قَائِمَيْنِ (أَبُو السُّعُودِ حَاشِيَةُ الْكَنْزِ) إذَا أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْعَقَارِ الْمَأْجُورِ بِنَاءً أَوْ غَرَسَ شَجَرًا فَالْحُكْمُ هَكَذَا كَمَا أُوضِحَ فِي الْمَادَّةِ (٥٣١) وَشَرْحِهَا. ٤ - يُمْكِنُهُ ضَبْطُهُ: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مُضِرًّا لِلْأَرْضِ بِأَنْ يَرْضَى الضَّرَرَ لِنَفْسِهِ فَيَقْلَعَ الْأَبْنِيَةَ وَالْأَشْجَارَ وَلَا يَتَمَلَّكُهَا مُسْتَحَقَّةَ الْقَلْعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . لِأَنَّ إعْطَاءَ حَقِّ التَّمَلُّكِ مِنْهُ كَانَ وِقَايَةً لَهُ مِنْ الضَّرَرِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute