للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى: إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَكَانَ الَّذِي أَنْشَأَ الْأَبْنِيَةَ أَوْ غَرَسَ الشَّجَرَ أَنْشَأَهَا بِزَعْمِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ مَوْجُودٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَيُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ لَهُ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُعْطِي صَاحِبُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَيَتَمَلَّكُهَا حَتَّى لَوْ تَحَقَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمُ وُجُودِ ذَلِكَ السَّبَبِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِذَلِكَ التَّمَلُّكِ، وَيُوجَدُ بِهَذَا التَّمَلُّكِ شَرْطَانِ:

الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ قِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ زَائِدَةً عَنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ. وَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ الْمَذْكُورَةُ زَائِدَةً انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْعَرْصَةِ وَانْقَلَبَ إلَى الْقِيمَةِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ صَاحِبُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ حَقَّ تَمَلُّكِهِ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ الْحَقِّ لَهُ وَرَضِيَ بِقَلْعِ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ وَرَدَّ الْأَرْضَ إلَى صَاحِبِهَا يُنْظَرُ فَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى الْغَاصِبِ بِإِعْطَاءِ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ تِلْكَ الْأَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ لَمْ يَصْدُرْ فَلَهُ الرَّدُّ قَبْلَ لُحُوقِ الْحُكْمِ كَمَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ (الْهِنْدِيَّةُ والشرنبلالي) .

الشَّرْطُ الثَّانِي: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إنْشَاءُ تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ وَغَرْسُ تِلْكَ الْأَشْجَارِ مُسْتَنِدًا إلَى زَعْمٍ شَرْعِيٍّ بِكَوْنِ تِلْكَ الْأَرْضِ مِلْكًا لَهُ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ يَلْزَمُ قَلْعُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ الثَّانِي يَرْجِعُ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ إلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. قِيلَ إذَا كَانَتْ زَائِدَةً. لِأَنَّهُ إذَا تَسَاوَتْ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ مَعَ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ وَاتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ كَأَنْ يُعْطِيَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ مَالِ الْآخَرِ أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَاهُمَا مَعًا وَيَقْتَسِمَا الثَّمَنَ بِالتَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فَبِهَا وَإِلَّا فَتُبَاعُ الْعَرْصَةُ مَعَ الْأَبْنِيَةِ أَوْ الْأَشْجَارِ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا لَوْ بَنَى أَحَدٌ أَبْنِيَةً عَلَى عَرْصَةٍ وَرِثَهَا عَنْ أَبِيهِ وَصَرَفَ عَلَى إنْشَائِهَا نُقُودًا تَزِيدُ عَنْ قِيمَةِ تِلْكَ الْعَرْصَةِ فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْعَرْصَةِ مُسْتَحِقٌّ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْعَرْصَةِ وَيَضْبِطَهَا وَلَوْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ.

وَتَحْتَاجُ عِبَارَةُ (وَصَرَفَ عَلَى إنْشَائِهَا نُقُودًا إلَخْ.) فِي هَذَا الْمِثَالِ إلَى الْإِيضَاحِ. وَهُوَ أَنَّ الْقِيمَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ هِيَ قِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَيْسَ مَا صَرَفَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرْصَةِ أَرْبَعِينَ دِينَارًا وَقِيمَةُ الْأَبْنِيَةِ ثَلَاثِينَ دِينَارًا إلَّا أَنَّ الْأَبْنِيَةَ كَلَّفَتْ صَاحِبَهَا سِتِّينَ دِينَارًا فَلَا يُعَدُّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَنَّ قِيمَةَ الْأَبْنِيَةِ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ عِبَارَةِ (صَرَفَ عَلَى إنْشَائِهَا نُقُودًا) هُوَ النُّقُودُ الَّتِي تُصْرَفُ عَلَى الْبِنَاءِ وَتَكُونُ مُعَادِلَةً لَقِيمَةِ الْبِنَاءِ الْحَقِيقِيَّةِ. وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ فِيمَا إذَا زَعَمَ أَنَّ الْغَصْبَ الْوَاقِعَ يُفِيدُ الْمِلْكِيَّةَ لَهُ كَمَا أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ لَا يَكُونُ سَبَبًا شَرْعِيًّا يَصِحُّ فِيهِ الزَّعْمُ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (٥٣١) لَكِنْ هَلْ يَكُونُ الِابْتِيَاعُ وَالِاتِّهَابُ وَقَبُولُ الصَّدَقَةِ سَبَبًا شَرْعِيًّا؟ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ عَرْصَةً مِنْ آخَرَ ظَانًّا أَنَّهَا مِلْكُهُ أَوْ أَخَذَهَا مِنْهُ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً وَبَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَادَّعَاهَا وَأَثْبَتَهَا وَضَبَطَهَا فَهَلْ يَجْرِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ؟ الزَّعْمُ بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ مِنْ أَضْدَادِ الْقَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَوْلُ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا أَوْ كَذِبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>