وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ الزِّيَادَةَ مِنْ الْغَاصِبِ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَبْلَغًا أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) . أَمَّا بَيْعُ الْغَاصِبِ بِدُونِ تَسْلِيمٍ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) . إنَّ حَقَّ إجَازَةِ الْبَيْعِ وَحَقَّ أَخْذِ الثَّمَنِ عَائِدَانِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ هَذَيْنِ الْحَقَّيْنِ. فَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَأَجَازَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ الْبَيْعَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي أَخْذِ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ. لِأَنَّ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ غَيْرُ مَالِكٍ وَغَيْرُ نَائِبٍ لِلْمَالِكِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .
فَائِدَةٌ: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي إجَازَةِ الْغَاصِبِ وُجُودُ الْإِجَازَةِ قَبْلَ الْمُخَاصَمَةِ؟ إنَّ الْمُخَاصَمَةَ وَالِادِّعَاءَ اللَّذَيْنِ يَكُونَانِ مِنْ طَرَفِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مُوجِبَانِ لِفَسْخِ الْعَقْدِ عَلَى بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَهُمَا عَلَى بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى غَيْرُ مُوجِبَيْنِ لِذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ يُشْتَرَطُ بِالنَّظَرِ إلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى وُقُوعُ الْإِجَازَةِ قَبْلَ الْمُخَاصَمَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الْغَصْبِ) .
وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ (٦٣٨) أَنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ قَدْ قَبِلَتْ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ. ٢ - إيجَارٌ: إذَا أَجَّرَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ وَكَانَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عَيْنًا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ أَجَازَ، إنْ كَانَتْ شَرَائِطُ الْإِجَازَةِ مَوْجُودَةً، وَأَخَذَ بَدَلَ الْإِيجَارِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٤٧) . وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ وَاسْتَرَدَّ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦) . وَهَلْ يُمْكِنُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (١٦٣٥) قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ بَعْدَهُ مُسْتَهْلَكًا بِإِيجَارِهِ لِآخَرَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ؟ وَإِذَا تَلَفَ الْمَأْجُورُ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. إلَّا إذَا كَانَ تَلَفَ الْمَأْجُورُ بِتَعَدِّي الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ تَقْصِيرِهِ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (٦٠٠ و ٦٠١ و ٦٠٢) . وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُنْظَرُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ غَاصِبٌ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ عَلَى مُؤَجِّرِهِ. وَوُجُودُ حَقِّ الْمُرَاجَعَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الثَّانِي الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ) لِأَنَّ رُجُوعَ الْمُسْتَأْجِرِ بِسَبَبِ ضَمَانِ التَّغْرِيرِ وَلَيْسَ بِسَبَبِ ضَمَانِ الْغَصْبِ. وَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ غَاصِبٌ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٥٨) وَشَرْحَهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ، وَأَبُو السُّعُودِ) .
٣ - الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ: لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَإِذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَيْنًا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَجَازَ الْهِبَةَ وَالتَّسْلِيمَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْهِبَةَ وَاسْتَرَدَّهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ بَدَلَهُ لِلْغَاصِبِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ تَسْلِيمَهُ لِآخَرَ اسْتِهْلَاكٌ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (١٦٣٥) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ الْهِبَةِ) . وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَإِنْ ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِبَدَلِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ. لِأَنَّ قَبْضَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ قَدْ كَانَ لِنَفْسِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٦٥٨) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute