الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ هَشَّمَ أَحَدٌ إبْرِيقًا لِآخَرَ مَصْنُوعًا مِنْ الْفِضَّةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَشَّمَهُ شَخْصٌ آخَرُ أَيْضًا بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ وَيَضْمَنُ الثَّانِي حَصْرًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
٣ - تَضْمِينٌ، قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى أَنَّ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَبَيْنَ تَضْمِينِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَرْقًا.
٤ - مِقْدَارُهُ، بِمَا أَنَّ لَفْظَ الْمِقْدَارِ قَدْ ذُكِرَ مُطْلَقًا يَشْمَلُ الْمَقَادِيرَ كُلَّهَا كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ. وَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ فَبِمَا أَنَّهُ قَدْ صَارَ مَالِكًا بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ (عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ ٨٩١) رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي أَيْضًا كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ اثْنَانِ ثَوْرًا وَاسْتَهْلَكَاهُ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُضَمِّنَ أَحَدَهُمَا إيَّاهُ.
وَعَلَى هَذَا الْحَالِ فَلِلضَّامِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِهِ (أَسِيرِيَّةٌ فِي الْغَصْبِ) . رَاجِعْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٩١) مَسْأَلَةَ إذَا قَالَ الْغَاصِبُ فِي إقْرَارِهِ. . . أَمَّا إذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الثَّانِي فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَيْ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ يَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي (الْبَزَّازِيَّةُ) : كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِأَحَدٍ حِنْطَةٌ صَيْفِيَّةٌ فِي مَكَان وَحِنْطَةٌ شَتْوِيَّةٌ فِي آخَرَ فَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِأَخِيهِ: (أَعْطِ حَرَّاثِي حِنْطَةً شَتْوِيَّةً) فَأَعْطَى أَخُوهُ الْحَرَّاثَ خَطَأً حِنْطَةً صَيْفِيَّةً ثُمَّ أَرْسَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ابْنَهُ مَعَ الْحَرَّاثِ لِنَقْلِ الْحِنْطَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْمَزْرَعَةِ وَنَقَلَ الْمَذْكُورَانِ الْحِنْطَةَ وَزَرَعَهَا الْحَرَّاثُ وَلَمْ تُنْبِتْ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا صَيْفِيَّةٌ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ شَاءَ تَضْمِينُ أَخِيهِ الَّذِي هُوَ الْغَاصِبُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ ابْنَهُ أَوْ حَرَّاثَهُ الَّذِي هُوَ غَاصِبُ الْغَاصِب. تُسْتَخْرَجُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
أَمَّا تَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ فِي الْمَغْصُوبِ بِالْعُقُودِ السِّتَّةِ: الْبَيْعِ، وَالْإِيجَارِ، وَالْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالْإِيدَاعِ، وَإِعَارَةِ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ لِآخَرَ فَعَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: - الْبَيْعُ: لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي عَيْنًا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ شَرَائِطُ الْإِجَازَةِ مَوْجُودَةً، وَلَا يَمْنَعُ تَلَفُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْإِجَازَةَ. فَإِذَا أَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَعْدَ تَلَفِ الثَّمَنِ جَازَ أَيْضًا وَيَكُونُ ثَمَنُ الْمَغْصُوبِ قَدْ تَلَفَ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. اعْتِبَارًا لِلْإِجَازَةِ فِي الِانْتِهَاءِ بِالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) .
وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَاسْتَرَدَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَيْنًا. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ بَدَلَهُ لِاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهُ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٣٥) . أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْمَبِيعُ لِلسَّابِقِ جَائِزًا، وَيَمْلِكُ الْغَاصِبُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ، لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٩١) الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الْعُقُودَ الَّتِي أَعْطَاهَا لِلْغَاصِبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute