كَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ إلَى صَاحِبِهِ فَسَقَطَ عَلَى شَخْصٍ فَأَتْلَفَهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ عَثَرَ أَحَدٌ بِأَنْقَاضِ ذَلِكَ الْحَائِطِ فَتَلِفَ ثُمَّ عَثَرَ إنْسَانٌ آخَرُ بِذَلِكَ الْقَتِيلِ فَتَلِفَ أَيْضًا ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ دِيَةَ الرَّجُلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.
لَا تُضْمَنُ دِيَةُ الرَّجُلِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ النَّقْضِ وَإِنْ كَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فَلَا يَعُودُ عَلَيْهِ رَيْعُ الْقَتِيلِ بَلْ يَعُودُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ (الْخَانِيَّةُ) .
٥ - الْإِتْلَافُ بِالْوَاسِطَةِ: مِثَالٌ لِهَذَا: لَوْ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ الصَّحِيحِ السَّالِمِ وَهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطَ السَّالِمَ وَأَتْلَفَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ مَالَ أَحَدٍ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَوَّلِ أَيْ: الْحَائِطِ إلَى ذَلِكَ الْمَالِ (الْبَهْجَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ عَثَرَ أَحَدٌ بِأَنْقَاضِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ وَتَلِفَ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ دَيْنَهُ لَكِنْ لَوْ عَثَرَ أَحَدٌ بِأَنْقَاضِ الْحَائِطِ الثَّانِي وَتَلِفَ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا؛ لِأَنَّ أَنْقَاضَ الْحَائِطِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ؛ فَلَيْسَ صَاحِبُهَا هَذَا مُقْتَدِرًا عَلَى دَفْعِهَا.
لَكِنْ إذَا كَانَ الْحَائِطُ الثَّانِي مِلْكًا لِصَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ دِيَةَ الرَّجُلِ الَّذِي تَلِفَ بِعُثُورِهِ بِأَنْقَاضِ ذَلِكَ الْحَائِطِ الثَّانِي أَمَّا إذَا لَمْ يُتْلِفْهُ هَكَذَا بِالذَّاتِ أَوْ بِالْوَاسِطَةِ كَمَا لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ إلَى الِانْهِدَامِ بَعْدَ التَّقَدُّمِ فَأَجْفَلَ حَيَوَانًا فَفَرَّ الْحَيَوَانُ لِخَوْفِهِ وَأَضَرَّ بِأَحَدٍ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ هَذَا الضَّرَرَ (الْخَانِيَّةُ) إيضَاحُ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ: لَمَّا كَانَتْ أَرْبَعَةٌ مِنْ هَذِهِ قَدْ ذُكِرَتْ آنِفًا مُجْمَلَةً سَنَذْكُرُ أَحَدَهَا فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ وَحَيْثُ إنَّ الشَّرْطَ السَّادِسَ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْجُمْلَةِ مُطْلَقًا لَزِمَ تَفْصِيلُ وَإِيضَاحُ هَذِهِ الشُّرُوطِ.
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْحَائِطِ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ وَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ التَّقَدُّمُ وَالْإِشْهَادُ قَبْلَ صَيْرُورَةِ الْحَائِطِ مَائِلًا إلَى الِانْهِدَامِ غَيْرَ صَحِيحَيْنِ فَلَوْ انْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ وُجُودِ التَّعَدِّي ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً كَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَائِطٌ فِي أَحَدِهِمَا مَائِلٌ لِلِانْهِدَامِ وَالْآخَرُ غَيْرَ مَائِلٍ لِلِانْهِدَامِ وَوَقَعَ التَّقَدُّمُ لِأَجْلِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ لِلِانْهِدَامِ فَقَطْ فَانْهَدَمَ الْحَائِطُ الْغَيْرَ مَائِلٍ لِلِانْهِدَامِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ كَذَلِكَ لَوْ مَالَ جُزْءٌ مِنْ حَائِطٍ إلَى الِانْهِدَامِ فَقَطْ وَانْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ وَالْإِشْهَادِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَزِمَ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ طَوِيلًا فَإِنَّمَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الشَّيْءِ الَّذِي تَلِفَ مِنْ الْجُزْءِ الْمَائِلِ إلَى الِانْهِدَامِ مِنْ الْحَائِطِ فَقَطْ.
وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الشَّيْءِ الَّذِي تَلِفَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ إذَا كَانَ طَوِيلًا وَكَانَ بِدَرَجَةٍ لَا يَكُونُ مَيْلُ بَعْضِهِ إلَى الِانْهِدَامِ سَبَبًا فِي انْهِدَامِ بَاقِيهِ يَكُونُ فِي حُكْمِ حَائِطَيْنِ أَحَدُهُمَا وَاهٍ وَغَيْرُ صَحِيحٍ وَالثَّانِي صَحِيحٌ، وَالْإِشْهَادُ وَالتَّقَدُّمُ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (الْخَانِيَّةُ) .
وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ إلَيْهِ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ فِي حُضُورِ الْمُحَاكِمِ فَالتَّقَدُّمُ الَّذِي يَقَعُ فِي حُضُورِ غَيْرِ الْمُحَاكِمِ مُعْتَبَرٌ أَيْضًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute