للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْطُ الثَّانِي: حُصُولُ التَّقَدُّمِ، لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ التَّقَدُّمِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَقَدْ بُيِّنَ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.

وَالْإِشْهَادُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لِتَمَامِ التَّقَدُّمِ وَلَكِنْ يَجِبُ التَّقَدُّمُ بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ مُعْتَبَرَيْنِ عَلَى الْأَقَلِّ حَتَّى لَا يَبْقَى مَحَلٌّ لِلْإِنْكَارِ بَعْدَئِذٍ وَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْحَائِطِ بِالتَّقَدُّمِ الْوَاقِعِ بِالْإِشْهَادِ لَزِمَ الضَّمَانُ وَيَلْزَمُ فِي حَالِ الْإِنْكَارِ إثْبَاتُ التَّقَدُّمِ نِصَابَ الشَّهَادَةِ.

وَيُمْكِنُ إثْبَاتُ التَّقَدُّمِ بِكِتَابِ الْقَاضِي أَيْضًا (الْخَانِيَّةُ) .

تَأْجِيلُ التَّقَدُّمِ وَالْإِبْرَاءُ مِنْهُ.

دَفْعُ الضَّرَرِ الْعَائِدِ لِلْعُمُومِ عَاجِلًا حَقٌّ عَامٌّ.

فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ التَّقَدُّمِ لِلضَّرَرِ الَّذِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْعَائِدِ لِلْعُمُومِ أَنْ يُؤَجِّلَ أَوْ يُبَرِّئَ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٨) إنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ التَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُتَقَدِّمِ ذَلِكَ أَيْضًا.

وَعَلَيْهِ لَوْ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ بَعْدَ هَذَا التَّأْجِيلِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَكَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ يَضْمَنُ ضَرَرَ الْمُتَضَرِّرِ يَكُونُ ضَامِنًا أَيْضًا إذَا لَحِقَ الضَّرَرُ الْمَذْكُورُ الْمُؤَجِّلَ وَالْمُبَرِّئَ؛ إذْ تَأْخِيرُهُ لَمْ يَقَعْ مَوْقِعَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى يُعْتَبَرُ فِي الشَّرِكَةِ الْخَاصَّةِ لَا الْعَامَّةِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .

مَثَلًا: لَوْ مَالَ حَائِطُ أَحَدٍ إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ مَوْقِعَ الْمُتَقَدِّمِ إلَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ أَوْ الشَّخْصُ الْمُتَقَدِّمُ فِي نَقْضِ الْحَائِطِ زِيَادَةً عَنْ الْمُدَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الشَّرْطِ الرَّابِعِ فَلَا يَصِحُّ إمْهَالُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَرَّتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا نَقْضُ الْحَائِطِ وَانْهَدَمَ قَبْلَ مُرُورِ تِلْكَ الْمُهْلَةِ عَلَى أَحَدٍ مَارٍّ فِي الطَّرِيقِ فَأَتْلَفَهُ أَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ وَلَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ إذْ أَنَّ الْإِمْهَالَ وَالتَّأْجِيلَ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ وَغَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ شَرْعًا.

أَمَّا الْإِمْهَالُ وَالتَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَصَحِيحٌ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَثَلًا: إذَا مَالَ الْحَائِطُ إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى دَارِ أَحَدٍ وَأَمْهَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ صَاحِبَهُ مُدَّةً بَعْدَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ لِيَهْدِمَهُ وَانْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُهْلَةِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ ضَمَانٌ.

أَمَّا لَوْ أَبْرَأَ هَذَا الْمُتَقَدِّمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ مِنْ التَّقَدُّمِ كَانَ صَحِيحًا وَإِذَا انْهَدَمَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَا يَضْمَنُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ تَأْجِيلُ الْحَاكِمِ وَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحَيْنِ وَيَكُونُ لَهُمَا حُكْمٌ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُتَقَدَّمِ لَهُ اقْتِدَارٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْحَائِطِ وَهَدْمِهَا.

؛ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ إلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى هَدْمِ وَإِصْلَاحِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ سَفَهِيٌّ فَلَا حُكْمَ لَهُ (النَّتِيجَةُ) فَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ التَّقَدُّمُ لِمُرْتَهِنِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الِانْهِدَامِ أَوْ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَمُسْتَعِيرِهِ وَمُسْتَوْدِعِهِ.

مَثَلًا: مَالَ حَائِطُ دَارِ إلَى الِانْهِدَامِ وَتَقَدَّمَ إلَى سَاكِنِ الدَّارِ إجَارَةً أَوْ اسْتِعَارَةً وَلِوَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهَا ارْتِهَانًا أَوْ اسْتِيدَاعًا ثُمَّ انْهَدَمَتْ أَضَرَّتْ بِأَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَلَا الْمَالِكَ ضَمَانٌ وَيَنْشَأُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَعَنْ عَدَمِ اقْتِدَارِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ كَمَا يَشَاءُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ لِصَاحِبِ الْمَالِ وَعَنْ كَوْنِ التَّقَدُّمِ يَحْصُلُ إلَيْهِ.

أَمَّا التَّقَدُّمُ لِلرَّهْنِ مَثَلًا فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مُقْتَدِرٌ بِإِصْلَاحِهِ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِرْدَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>