مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٥٩) كَأَنْ يَهَبَ لِآخَرَ شَيْئًا أَوْ يُهْدِيَهُ إيَّاهُ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ يُقِرَّ لَهُ بِهِ أَوْ يُبْرِئَهُ مِنْهُ وَلَوْ أَذِنَهُ بِذَلِكَ وَلِيُّهُ وَأَجَازَهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي اعْتِبَارِ تَصَرُّفَاتٍ ضَارَّةٍ كَهَذِهِ الْأَهْلِيَّةُ الْكَامِلَةُ أَيْ: الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ كَوْنُ الْكَفِيلِ عَاقِلًا بَالِغًا فِي انْعِقَادِ الْكَفَالَةِ فِي الْمَادَّةِ (٦٢٨) وَاشْتُرِطَ فِي الْمَادَّةِ (٨٥٩) الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ فِي الْوَاهِبِ قِيلَ (ضَرَرٌ دُنْيَوِيٌّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ جِهَةُ النَّفْعِ الْأُخْرَوِيِّ فِي تَصَرُّفِ الصَّغِيرِ.
وَعَلَيْهِ فَالصَّدَقَةُ وَالْقَرْضُ وَأَمْثَالُهُمَا مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَفْعٌ أُخْرَوِيٌّ فَلَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ لِمَا فِيهَا مِنْ ضَرَرٍ دُنْيَوِيٍّ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَسَيُبَيَّنُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٧٢) مَا حَصَلَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي حَقِّ الْقَرْضِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَبْرَأَ الصَّغِيرُ وَصِيَّهُ مِنْ كَذَا دِرْهَمًا لَهُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ الْإِبْرَاءُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَكَذَلِكَ إذَا أَجَازَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ بَعْدَ الْبُلُوغِ تَصَرُّفَاتِهِ كَالْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَجَازَ تَصَرُّفًا بَاطِلًا وَالتَّصَرُّفُ الْبَاطِلُ لَا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُجَدِّدَ الْعَقْدَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ بَيَانِ عَدَمِ صِحَّةِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُضِرَّةِ ضَرَرًا مَحْضًا وَلَوْ أَذِنَ بِهَا وَلِيُّ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ الْقَاضِي أَنْ يَهَبَ مَالَ الصَّغِيرِ بِالذَّاتِ أَوْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ يُهْدِيَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٨) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) إنَّ بُطْلَانَ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الْمُضِرَّةِ هَذِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي مَالِهِ أَمَّا لَوْ تَصَرَّفَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ وَمُعْتَبَرٌ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (١٤٥٨) أَمَّا عُقُودُهُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ أَوْ تَصَرُّفَاتُهُ فَإِذَا كَانَتْ لِنَفْسِهِ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ أَوْ إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ فَهِيَ نَافِذَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (١٤٥٨) (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) وَفِي صِحَّةِ إجَازَةِ التَّصَرُّفَاتِ الْعَائِدَةِ لِلصَّغِيرِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا تُوجَدُ الْقَاعِدَتَانِ الْآتِيَتَانِ:
الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: كُلُّ تَصَرُّفٍ يَسْتَطِيعُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ الْإِتْيَانَ بِهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ غَيْرُهُ هَذَا التَّصَرُّفَ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِذْنِ وَيَصِحُّ هَذَا الْإِذْنُ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ كَمَا يَصِحُّ أَيْضًا مِنْ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَ أَنْ يُؤْذَنَ.
فَعَلَيْهِ يَكُونُ بَيْعُ الصَّبِيِّ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِذْنِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأَجْنَبِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ يَكُونُ بَيْعُهُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِذْنِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ انْتِهَاءً كَالْإِذْنِ ابْتِدَاءً؛ إذْ كَمَا تَكُونُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ نَافِذَةً بِفِعْلِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ أَوْ الْبَالِغِ ابْتِدَاءً تَكُونُ أَيْضًا نَافِذَةً بِالْإِجَازَةِ انْتِهَاءً.
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُمْكِنُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيِّهِ أَنْ يَتَصَرَّفَهُ كَانَتْ الْإِجَازَةُ بَاطِلَةً إذَا تَصَرَّفَهُ الصَّغِيرُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ وَأَجَازَهُ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الْحَجْرِ بِزِيَادَةِ مَا) وَعَلَيْهِ فَهِبَةُ الصَّغِيرِ تَكُونُ بَاطِلَةً وَلَا تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى الْإِذْنِ كَمَا أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيٌّ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ آخَرَ فُضُولًا فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْهِبَةُ مَوْقُوفَةً بَلْ تَكُونُ بَاطِلَةً وَالْحِكْمَةُ فِي نَفَاذِ التَّصَرُّفَاتِ النَّافِعَةِ وَبُطْلَانِهَا فِي غَيْرِ النَّافِعَةِ وَإِيقَافِهَا عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute