للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْصِيلُ بَيْعِ الْمَحْجُورِ بِالدَّيْنِ: إذَا بَاعَ الْمَدِينُ الْمَحْجُورُ مَالًا وَكَانَ بَيْعُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُبْطِلٍ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فَلَا يُمْنَعُ الْمَحْجُورُ مِنْهُ، (الْهِدَايَةُ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْبَيْعُ مَعَ الْغَبْنِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَكْمَلَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَرَدَّ الْمَبِيعَ، كَمَا فِي بَيْعِ الْمَرِيضِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (١٦٠٤) (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .

وَلَوْ حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى رَجُلٍ لِأَجْلِ قَوْمٍ لَهُمْ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ فَقَضَى دَيْنَ بَعْضِهِمْ فَلِلْغُرَمَاءِ الْآخَرِينَ أَنْ يَسْتَرِدُّوا مِنْ الْغُرَمَاءِ الْقَابِضِينَ كُلٌّ عَلَى حَسَبِ حِصَّتِهِ، (الْخَانِيَّةُ) بِنَاءً عَلَيْهِ لَا تُعْتَبَرُ تَصَرُّفَاتُ الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ الْقَوْلِيَّةُ وَتَبَرُّعَاتُهُ وَسَائِرُ عُقُودِهِ الْمُضِرَّةِ بِحُقُوقِ الْغُرَمَاءِ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ. وَقَدْ قَيَّدَهَا " بِالتَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ "؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ بِالدَّيْنِ مَالَ أَحَدٍ، كَمَا صَارَ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (٩٤١) ، تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ أَيْضًا، وَيَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ شَرِيكًا لِسَائِرِ الدَّائِنِينَ فِي الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ، (الْهِدَايَةُ) وَلَكِنْ تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا بَعْدَ الْحَجْرِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ مَحْجُورٌ امْرَأَةً كَانَ زَوَاجًا صَحِيحًا تُشَارِكُ الْمَرْأَةُ الْغَرِيبَ الْحَاجِرَ فِي مِثْلِ مَهْرِهَا، لَكِنْ لَا تُشَارِكُ فِيمَا يَزِيدُ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَلْزَمُ أَنْ تَأْخُذَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَكْتَسِبُهَا الْمَدِينُ بَعْدَ إذْنِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) وَإِذَا أَقَرَّ الْمَدِينُ لِآخَرَ فِي الدَّيْنِ يَثْبُتُ إقْرَارُ الْمَحْجُورِ فَقَطْ، لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ أَمْوَالِهِ الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي وَقْتِ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّهُ مَا تَعَلَّقَ حَقُّ أُولَئِكَ الدَّائِنِينَ بِالْأَمْوَالِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَا يُبْطِلُ الْمَحْجُورُ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ حُقُوقَهُمْ لَكِنْ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، يَعْنِي لَوْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الِاسْتِقْرَاضِ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ عَلَى الشِّرَاءِ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ أَوْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ مَالِ الْغَيْرِ، وَثَبَتَ الدَّيْنُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، يُعْتَبَرُ هَذَا الدَّيْنُ أَيْضًا فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ وَقْتَ الْحَجْرِ وَيَصِيرُ مُزَاحِمًا لِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ إذْ لَا حَجْرَ فِي الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي هَذَا، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ هَذَا الدَّيْنُ بِالْبَيِّنَةِ، بَلْ ثَبَتَ بِعِلْمِ الْقَاضِي، فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْقَاضِي غَيْرُ مَعْدُودٍ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ، (أَبُو السُّعُودِ) .

وَيُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِ فِقْرَتَيْ، (الْأَمْوَالُ الْمُجَوِّدَةُ) وَ (لَا يُعْتَبَرُ. . .) بِعِبَارَةِ (وَقْتِ الْحَجْرِ) أَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ هَذَا الْإِقْرَارِ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ:

الْأَوَّلُ - فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ أَثْنَاءَ الْحَجْرِ.

الثَّانِي - فِي وَقْتِ الْحَجْرِ يَعْنِي لَا يُعْتَبَرُ فِي وَقْتِ الْحَجْرِ. فَيَنْفُذُ وَيُعْتَبَرُ بِنَاءً عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ حَتَّى فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا الْمَحْجُورُ فِي أَثْنَاءِ الْحَجْرِ، وَهُوَ عَجُوزٌ وَيُعْتَبَرُ بِنَاءً عَلَى الشَّرْطِ الثَّانِي بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ فِي حَقِّ الْأَمْوَالِ الْفَاضِلَةِ عَنْ الْغُرَمَاءِ الْحَاضِرِينَ وَالْمَوْجُودَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَجْرِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْفِقْرَةَ الْآتِيَةَ مَعْنِيَّةٌ بِالنَّظَرِ إلَى هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ.

أَمَّا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ فَيُعْتَبَرُ الْإِقْرَارُ وَعَلَيْهِ فَيَبْقَى مَدِينًا بِأَدَائِهَا ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَيْ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ، وَمَعَ أَنَّ الْإِقْرَارَ أَحَدُ التَّصَرُّفَاتِ، فَقَدْ ذَكَرَتْهُ الْمَجَلَّةُ عَلَى حِدَةٍ مَعَ دُخُولٍ تَحْتَ تَعْبِيرِ، (سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>