للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيضَاحُ الْإِرْضَاعِ: لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ امْرَأَةً عَلَى أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ، وَأَرْضَعَتْهُ مُكْرَهَةً، أَوْ لَوْ أَكْرَهَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ مِنْ لَبَنِهَا وَفَعَلَتْ، ثَبَتَتْ أَحْكَامُ الرَّضَاعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) .

إيضَاحُ الْيَمِينِ: لَوْ حَلَفَ أَحَدٌ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ مُكْرَهًا انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْحَالِفُ تِلْكَ الدَّارَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، (مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) .

الْقِسْمُ الثَّانِي: الْأَشْيَاءُ الْقَابِلَةُ لِلْفَسْخِ، (أَبُو السُّعُودِ) وَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي: قَدْ جُمِعَ فِي الْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ: كُلُّ تَصَرُّفٍ يَبْطُلُ بِالْهَزْلِ لَا يَجُوزُ بِالْإِكْرَاهِ. وَقَدْ ذَكَرَ آنِفًا بَعْضَ الْعُقُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ مُجْمَلَةً وَإِلَيْكَ تَفْصِيلُهَا فِيمَا سَيَأْتِي:

١ - فِي الْبَيْعِ: الْبَيْعُ الَّذِي يَقَعُ بِالْإِكْرَاهِ أَيْ مُعْتَبَرًا يَعْنِي أَنَّ بَيْعَ الْمُكْرَهِ نَافِذٌ، أَيْ مُنْعَقِدٌ، لَكِنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الرِّضَا شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ فِي الْمَبِيعِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الْإِكْرَاهِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، سَوَاءٌ أَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُكْرَهًا أَمْ الْبَائِعُ فَقَطْ أَمْ الْمُشْتَرِي فَقَطْ. وَأَيُّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَانَ مُكْرَهًا فَلَهُ حَقٌّ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ لَوْ لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ بِذَلِكَ. أَمَّا الطَّرَفُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُكْرَهًا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَسْخُ الْعَقْدِ بِدُونِ الرِّضَا، (الطُّورِيُّ) . وَسَتَأْتِي تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ قَرِيبًا.

بَيْعُ الْمُكْرَهِ يُشْبِهُ الْبَيْعَ الْمَوْقُوفَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَابِلٌ لِلْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ، وَيُشْبِهُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ. وَبَيْعُ الْمُكْرَهِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ جَائِزٌ وَمُعْتَبَرٌ أَيْ لَازِمٌ. وَالْإِجَازَةُ فِيهِ تُزِيلُ الْحُرْمَةَ. أَمَّا الْبَيْعُ الْفَاسِدُ فَلَا يَجُوزُ بِالْإِجَازَةِ، أَيْ لَا يَنْقَلِبُ إلَى الصِّحَّةِ، (الطَّحْطَاوِيُّ مُلَخَّصًا) .

كَذَلِكَ لَوْ فَسَخَ الْمُكْرَهُ الْبَيْعَ انْفَسَخَ وَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي. وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ مُكْرَهًا ثُمَّ بَاعَهُ هَذَا مِنْ غَيْرِ بَيْعِ رِضًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَإِذَا لَمْ يُجِزْهُ صَاحِبُ الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَالَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ، (النَّتِيجَةُ، وَالْبَهْجَةُ) ، وَإِذَا وَقَعَ تَدَاوُلُ الْأَيْدِي فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ، فَأَيُّ عَقْدٍ أَجَازَهُ الْمُكْرَهُ كَانَ الْكُلُّ جَائِزًا. فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ مُكْرَهًا وَهَذَا بَاعَهُ رِضَاءً مِنْ غَيْرِهِ وَبَاعَهُ هَذَا مِنْ آخَرَ وَبَاعَهُ هَذَا مِنْ غَيْرِهِ وَبَاعَهُ هَذَا مِنْ آخَرَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ نَفَذَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ، أَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ الثَّالِثَ نَفَذَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالرَّابِعُ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ إذَا أَجَازَ بَعْضَ الْعُقُودِ فَقَدْ زَالَ الْإِكْرَاهُ وَأَصْبَحَ طَائِعًا رَاضِيًا وَبِمَا أَنَّهُ قَدْ أَصْبَحَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ بِذَلِكَ جَائِزًا فَقَدْ أَصْبَحَتْ الْعُقُودُ كُلُّهَا جَائِزَةً وَيَأْخُذُ الْمُكْرَهُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، (الطُّورِيُّ) .

وَتَعْيِينُ الْمُشْتَرِي فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فَلَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْمُشْتَرِي فَبَاعَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مَالَهُ مِنْ أَحَدٍ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْإِكْرَاهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُكْرَهٍ، (الْبَزَّازِيَّةُ) .

مُخَالَفَةُ الْمُكْرَهِ الْمُجْبِرَ فِي الثَّمَنِ: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ بِمِائَةِ قِرْشٍ فَبَاعَهُ بِأَقَلَّ كَأَنْ يَكُونَ بَاعَهُ بِتِسْعِينَ كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ بَيْعَ مُكْرَهٍ؛ لِأَنَّ الْمُجْبِرَ عَرَّضَ الْمُكْرَهَ لِلضَّرَرِ، وَبِمَا أَنَّ الْبَيْعَ بِالْأَقَلِّ بَاعِثٌ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ فَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ بِالْأَكْثَرِ إكْرَاهٌ عَلَى الْبَيْعِ بِالْأَقَلِّ. أَمَّا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْبَيْعِ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَبَاعَهُ بِأَزْيَدَ نَفَذَ؛ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ يَكُونُ قَدْ اكْتَسَبَ لِنَفْسِهِ النَّفْعَ، (الطُّورِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>