للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخَالَفَةُ الْمُكْرَهِ فِي نَوْعِ الْعَقْدِ: لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِهِ فِيهَا جَازَتْ الْهِبَةُ، (الْبَزَّازِيَّةُ) .

زَوَائِدُ الْمَالِ الَّذِي بِيعَ بِالْإِكْرَاهِ: أَمَّا فِي زَوَائِدِ الْمَالِ الَّذِي بِيعَ بِالْإِكْرَاهِ فَإِذَا كَانَتْ الزَّوَائِدُ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً وَتَلِفَتْ بِالتَّعَدِّي لَزِمَ الضَّمَانُ. أَمَّا إذَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ وَبَقِيَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ يَأْخُذُهَا الْبَائِعُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ. وَإِذَا كَانَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَخْذُهَا فِي حَالِ وُجُودِهَا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ إذَا تَلِفَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ بِلَا تَعَدٍّ. لَكِنْ لَوْ اُسْتُهْلِكَتْ لَزِمَ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الضَّمَانُ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا.

وَإِذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ وَمَعَهُ زَوَائِدُ مُنْفَصِلَةٌ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي، (التَّنْقِيحُ) .

أَنْوَاعُ الْإِجَازَةِ: الْإِجَازَةُ نَوْعَانِ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْإِجَازَةُ قَوْلًا وَصَرَاحَةً، كَقَوْلِ الْمُكْرَهِ أَجَزْتُ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ أَوْ أَعْطَيْتُ إجَازَةً بِهِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: الْإِجَازَةُ الْفِعْلِيَّةُ، فَلَوْ قَبَضَ الْبَائِعُ الْمُكْرَهُ طَائِعًا ثَمَنَ الْمَبِيعِ أَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي طَائِعًا نَفَذَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (٦٨) ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِكْرَاهَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الْبَيْعِ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَلَمْ يَكُنْ التَّسْلِيمُ فِيهِ دَاخِلًا فِي الْإِكْرَاهِ، (أَبُو السُّعُودِ) .

(فِيهِ أَنَّ هَذَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَمَّا فِي الْفَاسِدِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ) ؛ وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى التَّسْلِيمِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْإِكْرَاهِ) .

لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مُسْتَلْزِمًا الْإِكْرَاهَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ، كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (٨٦) ، فَإِذَا وَهَبَ مُكْرَهًا وَسَلَّمَ الْمَوْهُوبُ فِي حُضُورِ الْمُجْبِرِ فَلَا تَنْفُذُ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْمُجْبِرِ هُوَ اسْتِحْقَاقُ الْمَوْهُوبِ لَا لَفْظُ الْهِبَةِ. وَالِاسْتِحْقَاقُ فِي الْهِبَةِ بِالتَّسْلِيمِ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (٨٣٧) .

فَكَانَ التَّسْلِيمُ فِي الْهِبَةِ دَاخِلًا فِي الْإِكْرَاهِ، (أَبُو السُّعُودِ، وَالْهِدَايَةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ حَاضِرًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْهِبَةِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا عَلَى التَّسْلِيمِ، (أَبُو السُّعُودِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْمُكْرَهُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ طَائِعًا بَلْ قَبَضَهُ مُكْرَهًا أَوْ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ طَائِعًا بَلْ سَلَّمَهُ مُكْرَهًا، فَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِسَبَبِ عَدَمِ الرِّضَا، فَلَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ أَنْ يَرُدَّ هَذَا الثَّمَنَ وَيَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ، وَإِذَا تَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي، وَالْقَبْضُ إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّمَا يَجِبُ الضَّمَانُ إذَا قَبَضَهُ لِلتَّمَلُّكِ وَهُوَ لَمْ يَقْبِضْهُ؛ لِكَوْنِهِ مُكْرَهًا عَلَى قَبْضِهِ فَكَانَ أَمَانَةً، (الدُّرَرُ) .

يُوجَدُ بَيْنَ بَيْعِ الْمُكْرَهِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فُرُوقٌ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ، (أَبُو السُّعُودِ) .

١ - يَجُوزُ بَيْعُ الْمُكْرَهِ بِالْإِجَازَةِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ، يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ يَنْقَلِبُ بِالْإِجَازَةِ إلَى الصِّحَّةِ، مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يَجُوزُ بِإِجَازَةٍ كَهَذِهِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ نَاشِئٌ عَنْ حَقِّ الشَّرْعِ، أَمَّا فَسَادُ بَيْعِ الْمُكْرَهِ فَنَاشِئٌ عَنْ حَقِّ الْعَبْدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>