٢ - تُنْقَضُ التَّصَرُّفَاتُ الْقَابِلَةُ لِلنَّقْضِ، كَبَيْعِ الْمُشْتَرِي الَّذِي اشْتَرَى مِنْ الْمُكْرَهِ الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ، وَلَوْ وَقَعَ تَدَاوُلُ الْأَيْدِي، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ، (٣٧٢) أَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي بِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ بَيْعًا صَحِيحًا فَلَا يَبْقَى حَقُّ الْفَسْخِ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ بَيْعَ الْمَبِيعِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِهِ وَتَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِرْدَادَ فِي بَيْعِ الْمُكْرَهِ عَنْ حَقِّ الْعَبْدِ، وَحَقُّ الْمُكْرَهِ لَمَّا كَانَ مُسَاوِيًا لِحَقِّ الْمُشْتَرِي فَلَا يَسْتَدْعِي وُجُودُ الْحَقِّ الثَّانِي بُطْلَانَ الْحَقِّ الْأَوَّلِ، أَمَّا الِاسْتِرْدَادُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَبِمَا أَنَّهُ عَنْ حَقِّ الشَّرْعِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي حَقُّ الْعَبْدِ. فَحَقُّ الْعَبْدِ مُقَدَّمٌ لِحَاجَتِهِ عَنْ حَقِّ الشَّرْعِ لِغِنَى الرَّبِّ تَعَالَى، (الزَّيْلَعِيّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
٣ - إذَا تَصَرَّفَ مُشْتَرِي الْمَالِ الْمَبِيعِ فِيهِ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ وَفَسْخُهُ، فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُجْبِرُ، يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ يَأْخُذُ مِثْلَهُ، وَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ وَقْتَ تَسْلِيمِهِ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي فِيهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ إيَّاهُ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ إحْدَاثِهِ الْحَالَ الْغَيْرَ قَابِلٍ لِلنَّقْضِ، (الْبَزَّازِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَفْسَدَ عَلَى الْمَالِ بِهَذَا الْإِحْدَاثِ حَقَّ اسْتِرْدَادِهِ. وَفِي كَوْنِ الْمُكْرَهِ مُخَيَّرًا فِي التَّضْمِينِ نَظَرٌ لَهُ حَيْثُ يَحْتَارُ لِأَكْثَرَ عِنْدَ التَّفَاوُتِ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . أَمَّا الْمُشْتَرِي الَّذِي يَشْتَرِي مَالًا شِرَاءً فَاسِدًا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (٣٧١) ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
٤ - الثَّمَنُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْبَيْعِ أَمَانَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي، كَمَا أَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُكْرَهِ عَلَى الشِّرَاءِ أَمَانَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ أَخَذَ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَمَتَى كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّمَلُّكِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ، بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ، (٧٦٨) وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ، (٣٧١) ، أَمَّا بَيْعُ الْمُكْرَهِ إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا مَالًا مِنْ أَحَدٍ وَلَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ، وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الدُّرَرُ)
صُوَرٌ ثَلَاثٌ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ:
تُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ بِاعْتِبَارِ الْمُكْرَهِ
١ - كَوْنُ الْبَائِعِ مُكْرَهًا فَقَطْ.
٢ - كَوْنُ الْمُشْتَرِي مُكْرَهًا فَقَطْ.
٣ - كَوْنُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مُكْرَهَيْنِ مَعًا.
وَبِمَا أَنَّ أَحْكَامَ هَذِهِ الصُّوَرِ مُخْتَلِفَةٌ، فَإِلَيْكَ الْإِيضَاحُ فِيمَا يَلِي:
تَجْرِي الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُكْرَهًا فَقَطْ:
أُوَلًا، لَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ عَلَى الْبَيْعِ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِضَّةً وَبَاعَهُ بِمَا قِيمَتُهُ أَلْفُ قِرْشٍ مِنْ النُّقُودِ الذَّهَبِيَّةِ يَكُونُ مُكْرَهًا عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ مَعْدُودَةٌ فِي التِّجَارَةِ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ، أَمَّا لَوْ بَاعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفِ قِرْشٍ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ جَازَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنْسٍ غَيْرِ الْجِنْسِ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَيْهِ فَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَبَاعَ بِمَا قِيمَتُهُ أَلْفٌ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ الْحَيَوَانَاتِ نَفَذَ الْبَيْعُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ الطُّورِيُّ) .