أَجْنَبِيَّةٍ. لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ أَيْضًا ذِمِّيًّا وَإِلَّا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ، (أَبُو السُّعُودِ) لَكِنْ إذَا كَانَ مُدَّعِي الشُّفْعَةِ صَبِيًّا فَيَطْلُبُهَا وَلِيُّهُ، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ يَكُونُ وَلِيُّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ يَنْصِبُ لَهُ الْحَاكِمُ وَلِيًّا، (أَبُو السُّعُودِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) ، وَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ طَالِبًا فَلَيْسَ لِلْآخَرَيْنِ، أَيْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ شُفْعَةٌ، وَإِذَا كَانَ الثَّانِي طَالِبًا فَلَيْسَ لِلثَّالِثِ حَقُّ شُفْعَةٍ وَيَثْبُتُ لُزُومُ التَّرْتِيبِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «الشَّرِيكُ أَحَقُّ مِنْ الْخَلِيطِ، وَالْخَلِيطُ أَحَقُّ مِنْ الشَّفِيعِ» وَالشَّرِيكُ هُوَ الْمُشَارِكُ فِي نَفْسِ الْبَيْعِ وَالْخَلِيطُ الْمُشَارِكُ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ، (الشَّفِيعُ) فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هُوَ الْجَارُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ. وَالِاتِّصَالُ فِي صُورَةِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَبِيعِ أَقْوَى لِكَوْنِهِ فِي كُلِّ جُزْءٍ، ثُمَّ إنَّ الِاتِّصَالَ فِي حُقُوقِ الْمَبِيعِ هُوَ أَقْوَى أَيْضًا لِكَوْنِهِ اشْتِرَاكًا فِي مَرَافِقِي الْمِلْكِ. وَالْوَاقِعُ تَرْجِيحُ الْقُوَّةِ بِالسَّبَبِ، (الْكِفَايَةُ) . تَرْجِيحُ الْقُوَّةِ بِالسَّبَبِ لِنُوَضِّحَ ذَلِكَ بِالْمَثَلِ الْآتِي: لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ ذِرَاعَ آخَرَ، وَآخَرُ قَطَعَ عُنُقَهُ، فَالْقَاتِلُ هُوَ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ حَيَاةَ الْمَقْتُولِ مُمْكِنَةٌ بَعْدَ قَطْعِ ذِرَاعِهِ، أَمَّا بَعْدَ قَطْعِ عُنُقِهِ فَحَيَاتُهُ غَيْرُ مُتَوَهَّمَةٍ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (١٣ ١) وَتَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَمَّا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ طَالِبًا فَلَيْسَ لِلْآخَرَيْنِ حَقُّ شُفْعَةٍ.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ بَاعَ أَحَدٌ الْحِصَّةَ الَّتِي يَمْلِكُهَا فِي عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ مَعَ آخَرَ مِنْ ذَلِكَ الْآخَرِ، فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الَّذِي لَهُ مِلْكٌ مُتَّصِلٌ بِذَلِكَ الْعَقَارِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ وَيَدَّعِيَهَا، (الْبَهْجَةُ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ بَاعَ أَحَدٌ حِصَّتَهُ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي يَمْلِكُهُ بِالِاشْتِرَاكِ مَعَ آخَرَ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ لَهُ مِلْكٌ مُتَّصِلٌ بِذَلِكَ الْمَنْزِلِ، فَإِذَا رَاعَى الشَّرِيكُ شُرُوطَ الشُّفْعَةِ، فَلَهُ أَخْذُهَا مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ. وَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَقُولَ: بِمَا أَنَّ لِمَنْزِلِي اتِّصَالًا بِالْمَنْزِلِ الْمَذْكُورِ فَأَنَا مُشَارِكٌ لَكَ فِي الشُّفْعَةِ، (الْبَهْجَةُ)
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ بَاعَ أَحَدٌ الْعَقَارَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ، بِدُونِ إذْنِ ذَلِكَ الْآخَرِ، مِنْ شَخْصٍ كَأَنْ يَكُونَ جَارًا، فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ، مَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ حِصَّتِهِ، أَنْ يَطْلُبَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِالشُّفْعَةِ وَيَأْخُذَهَا (الْبَهْجَةُ) . لَكِنْ لَوْ سَلَّمَ الْمُشَارِكُ فِي حَقِّ الشُّفْعَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْمَادَّةِ، فَيَكُونُ الْخَلِيطُ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ شَفِيعًا فِيمَا إذَا طَلَبَ فَوْرًا الشُّفْعَةَ بِشُرُوطِهَا، كَالْمُوَاثَبَةِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ بِالْبَيْعِ. وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مُعَافًى مِنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَوْرًا؛ لِأَنَّ الْمُشَارِكَ لَمْ يُسَلِّمْ الشُّفْعَةَ وَلِذَلِكَ فَلَهُ حَقُّ أَخْذِ الْمَشْفُوعِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْعَيْنِيُّ) .
مَثَلًا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ فِي الدَّارِ الْمُبَاعَةِ وَالْجَارُ حَاضِرَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَسَمِعَا بِبَيْعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَوْرًا وَسَكَتَ الْجَارُ، نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ مُؤَخَّرٌ فِي الدَّرَجَةِ وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ فِي الْحَالِ ثُمَّ تَرَكَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَلَيْسَ لِلْجَارِ شُفْعَةٌ بَعْدُ وَلَوْ أَجْرَى فَوْرًا طَلَبَ الْمُوَاثَبَةَ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute