الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت الْمَشْفُوعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَدَاءُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْته بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، يُنْظَرُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ قَابِضًا شَيْئًا مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِلَا يَمِينٍ، سَوَاءٌ أَقَبِضَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ أَمْ لَا " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ "؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ثَمَانِمِائَةٍ حَقِيقَةً، فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِهَا، وَإِذَا كَانَ أَلْفًا فَيَكُونُ الْبَائِعُ بِادِّعَائِهِ الْأَقَلَّ قَدْ حَطَّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ الثَّمَنِ، وَالشَّفِيعُ يَسْتَفِيدُ مِنْ حَطِّ بَعْضِ الثَّمَنِ، (الْهِدَايَةُ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَإِذَا قَبَضَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ كُلَّهُ وَثَبَتَ الْقَبْضُ الْمَذْكُورُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ، وَأَخَذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي قَالَ بِهِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بِاسْتِيفَائِهِ الثَّمَنَ خَرَجَ مِنْ الْوَسَطِ وَالْتَحَقَ بِالْأَجَانِبِ، وَيَكُونُ الِاخْتِلَافُ قَاصِرًا عَلَى الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي، فَالْقَوْلُ فِي هَذَا لِلْمُشْتَرِي، (فَتْحُ الْمُعِينِ) أَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَبْضُ الثَّمَنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخَذْتُ ثَمَنَ الْبَيْعِ فَقَطْ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَ الثَّمَنَ فِي حَالٍ لَهُ وِلَايَةُ الْبَيَانِ فِيهِ فَقُبِلَ بَيَانُهُ، إلَّا أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْبَائِعُ قَبْلَ بَيَانِ الْقَدْرِ بَادِئًا بِقَبْضِ الثَّمَنِ بِقَوْلِ بِعْتُ وَقَبَضْتُ الثَّمَنَ، ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ الْبَائِعِ فِي حَقِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَقُولُ بِهِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ أَوَّلًا صَارَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، حَتَّى لَوْ قَبَضَ بَعْضَهُ وَبَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) وَبِالْعَكْسِ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ أَلْفٌ وَمِائَتَا دِرْهَمٍ، وَكَانَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ يَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ، (١٧٧٨) فَأَيُّهُمَا حَلَفَ يُثْبِتُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْآخَرُ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِهِ؛ لِأَنَّ نُكُولَ الْخَصْمِ كَالْإِقْرَارِ، (الزَّيْلَعِيّ) وَإِذَا حَلَفَ الِاثْنَانِ كِلَاهُمَا يَفْسَخُ الْحَاكِمُ الْبَيْعَ. لَكِنْ بِمَا أَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ حَقِّ الشَّفِيعِ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْمَشْفُوعَ بِالثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْبَائِعُ، (الْهِدَايَةُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ بِسَبَبِ الْبَيْعِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ بِفَسْخِ الْحَاكِمِ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّارَ إذَا رُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبٍ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ إنْ كَانَ الرَّدُّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، (الزَّيْلَعِيّ وَفَتْحُ الْمُعِينِ) .
وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ كَانَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مُعْتَبَرًا، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَإِذَا اخْتَلَفَ فِي صِفَةِ الثَّمَنِ، يَعْنِي لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُهُ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَالشَّفِيعُ قَالَ اشْتَرَيْتُهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) ، كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي عَقَارًا بِعُرُوضٍ، فَإِذَا تَلِفَتْ الْعُرُوض قَبْلَ تَسْلِيمِهَا لِلْبَائِعِ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْعُرُوضِ، وَيَبْقَى حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ، فَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الْعُرُوضِ، فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ مِنْهُ، وَإِذَا أَقَامَهَا الِاثْنَانِ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ، وَإِذَا عَجَزَ كِلَاهُمَا عَنْ إقَامَتِهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْبَائِعِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) .
وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ، يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي جِنْسِ الثَّمَنِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي إنَّنِي أَخَذْتُهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَالَ الشَّفِيعُ إنَّكَ أَخَذْتُهُ بِخَمْسِمِائَةِ رِيَالٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute