وَيُوجَدُ ضَرَرٌ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا، وَهُوَ: لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ بِثَمَنٍ غَالٍ وَاشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي بِهَذَا الثَّمَنِ إمَّا أَنْ يَقْبَلَ الْبَائِعُ الْمَالَ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ فِي مُقَابِلِهِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَأَنْ لَا يَقْبَلَ ذَلِكَ الْبَدَلَ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ.
الْحِيلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُفْرِزَ الْبَائِعُ مِقْدَارَ ذِرَاعٍ مِنْ الْعَقَارِ الَّذِي يُرِيدُ بَيْعَهُ مِنْ جِهَةِ الْجِدَارِ الْمُتَّصِلِ بِعَقَارِ الشَّفِيعِ وَبَعْدَ أَنْ يَبْقَى ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ أَوْ بَعْدَ هِبَةِ هَذَا الْمِقْدَارِ لِلْمُشْتَرِي وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ لَوْ بَاعَ الْبَاقِيَ فَلَا يَبْقَى لِلْجَارِ شُفْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اسْتِحْقَاقُ الشُّفْعَةِ بِالْجِوَارِ وَالِاتِّصَالِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَبْقَى اتِّصَالٌ وَالْتِصَاقٌ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
هَذِهِ الْحِيلَةُ لِشُفْعَةِ الْجَارِ.
الْحِيلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ جُزْءًا صَغِيرًا كَالْعُشْرِ بِثَمَنٍ غَالٍ بِعَقْدٍ يَشْتَرِي الْمِقْدَارَ الْبَاقِيَ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ، فَالشَّفِيعُ إنَّمَا يَكُونُ شَفِيعًا فِي السَّهْمِ الَّذِي بِيعَ أَوَّلًا، وَلَا يَكُونُ شَفِيعًا لِلْمَبِيعِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي: وَصُورَتُهَا رَجُلٌ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي أَلْفًا فَأَرَادَ بَيْعَهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَبِيعُ الْعُشْرَ مِنْهَا بِتِسْعِمِائَةٍ ثُمَّ يَبِيعُ تِسْعَةَ أَعْشَارِهَا بِمِائَةٍ فَالشُّفْعَةُ تَثْبُتُ فِي عُشْرِهَا خَاصَّةً بِثَمَنِهِ وَلَا تَثْبُتُ لَهُ الشُّفْعَةُ فِي التِّسْعَةِ الْأَعْشَارِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَ اشْتَرَى تِسْعَةَ أَعْشَارِهَا صَارَ شَرِيكًا فِيهَا بِالْعُشْرِ، (الْجَوْهَرَةُ) .
فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إبْطَالَ شُفْعَتِي لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ اُسْتُحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ تَلْجِئَةً فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى لَوْ أَقَرَّ بِهِ يَلْزَمُهُ وَهُوَ خَصْمٌ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) وَلَوْ بَلَغَهُ الْبَيْعَانِ مَعًا، (فَتْحُ الْمُعِينِ) .
لِأَنَّ الشَّفِيعَ فِي هَذَا الْمَبِيعِ جَارٌ وَالْمُشْتَرِيَ شَرِيكٌ. أَمَّا الشَّفِيعُ فَلَا يَرْغَبُ فِي الْمَبِيعِ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَقِلَّةِ السَّهْمِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ مَعَ الْمُلْتَقَى) .
فَأَيُّهُمَا خَافَ مِنْ صَاحِبِهِ شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ خَافَا شَرَطَا مَعًا وَيُجِيزَانِ مَعًا، وَلَوْ خَافَ كُلٌّ إنْ أَجَازَ لَمْ يُجِزْ الْآخَرُ، وُكِّلَ وَكِيلٌ وَشُرِطَ أَنْ يُجِيزَ صَاحِبُهُ، (فَتْحُ الْمُعِينِ) .
الْحِيلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِكَذَا جُزْءٍ مِنْ الْعَقَارِ الَّذِي سَيَبِيعُهُ لِلْمُشْتَرِي وَيَبِيعُ الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا شُفْعَةَ عِنْدَ الْخَصَّافِ لِلْجَارِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُقَدَّمٌ عَلَى الشَّرِيكِ وَالْجَارِ. وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تَثْبُتْ إلَّا بِإِقْرَارٍ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ، (الْحَمَوِيُّ، الْقُنْيَةِ، فَتْحُ الْمُعِينِ) .
لَوْ ادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ الْوَاقِعَةَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إنَّمَا هِيَ حِيلَةٌ لِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ بِالْيَمِينِ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ هَذَا الْحَقُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ شَيْءٌ إذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي حَالِ إنْكَارِهِ، (الْخَانِيَّةُ) .
الْحِيلَةُ السَّادِسَةُ: أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ اشْتَرِ مِنِّي الْمَشْفُوعَ وَلَا تُخَاصِمْنِي، وَيَقُولَ الْآخَرُ قَدْ