للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَاتِمَةُ فِي بَيَانِ حِيَلِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ الْخَاتِمَةُ فِي بَيَانِ حِيَلِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ

إنَّ اتِّخَاذَ الْحِيلَةِ فِي أَمْرِ إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا لَيْسَ مَكْرُوهًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ رِضَا الْمُشْتَرِي فَهُوَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرَ أَخْذِ الشَّفِيعِ مَا لَهُ. وَعَلَيْهِ فَالِاحْتِيَالُ الَّذِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مُبَاحٌ وَلَوْ كَانَ مُوجِبًا لِضَرَرِ الْغَيْرِ. وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ، وَقُيِّدَ فِي السِّرَاجِيَّةِ بِمَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الطَّحْطَاوِيُّ بِتَصَرُّفٍ) .

أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَمَكْرُوهٌ، وَأَمَّا الِاحْتِيَالُ بَعْدَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فَمَكْرُوهٌ بِالْإِجْمَاعِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) اُنْظُرْ الْحِيلَةَ السَّادِسَةَ.

مَسْأَلَةٌ: لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ عِدَّةُ حِيَلٍ:

الْحِيلَةُ الْأُولَى: إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي عَقَارًا بِنُقُودٍ مُعَيَّنَةٍ مُشَارٌ إلَيْهَا فُلُوسٌ مَجْهُولَةُ الْمِقْدَارِ وَأَضَاعَ الْبَائِعُ الْفُلُوسَ بَعْدَ الْقَبْضِ. فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي حَالِ الْعَقْدِ كَانَ مَعْلُومًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ. لَكِنَّ الثَّمَنَ فِي حَالِ الشُّفْعَةِ لَمَّا كَانَ مَجْهُولًا فَجَهَالَةُ الثَّمَنِ فِي الشُّفْعَةِ مَانِعَةٌ لَهَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (١٠٢٥) ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ أَحْسَنُ وَأَسْهَلُ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِجْرَاؤُهَا فِي أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ الثَّلَاثَةِ مُمْكِنٌ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى بِإِيضَاحٍ) رَجُلٌ اشْتَرَى عَقَارًا بِدَرَاهِمَ جُزَافًا وَاتَّفَقَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مِقْدَارَ الدَّرَاهِمِ وَقَدْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَالشَّفِيعُ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ يَأْخُذُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ يُعْطِي الثَّمَنَ عَلَى زَعْمِهِ لَا إذَا أَثْبَتَ الْمُشْتَرِي الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعَ عَشَرَ) .

وَاَلَّذِي فِي الْمُتُونِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الشَّفِيعِ إذْ لَوْ قُبِلَ قَوْلُهُ لَمَا كَانَ لِهَذِهِ الْحِيلَةِ فَائِدَةٌ إلَّا إذَا سَكَتَ، (الطَّحْطَاوِيُّ) .

الْحِيلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَقَارَ بِثَمَنٍ غَالٍ ثُمَّ يَأْخُذَ بَعْدَ الشِّرَاءِ مَالًا خَسِيسًا نَظِيرَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ بِرِضَاهُ. إذَا أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَلَيْسَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ بِمَا أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الْبَائِعُ قَدْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِعَقْدٍ آخَرَ وَهَذِهِ الْحِيلَةُ يُمْكِنُ إجْرَاؤُهَا فِي الشَّرِيكِ وَالْجَارِ أَيْضًا لَكِنْ فِيهَا ضَرَرٌ لِلْبَائِعِ وَذَلِكَ لَوْ ضُبِطَ الْعَقَارُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ الْغَالِي، وَلَيْسَ بِقِيمَةِ الْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ بَدَلًا عَنْهُ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُبَاعَ بِالدِّرْهَمِ الثَّمَنُ دِينَارٌ حَتَّى إذَا اسْتَحَقَّ الْمَشْفُوعَ يَبْطُلُ الصَّرْفُ فَيَجِبُ رَدُّ الدَّنَانِيرِ لَا غَيْرُ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>