الْحَاضِرِ الْقَاضِيَ، أَمَّا إذَا رَاجَعَ الْقَاضِيَ فَالْقَاضِي يُؤْذِنُهُ فِي زِرَاعَةِ جَمِيعِ تِلْكَ الْأَرَاضِيِ مَنْعًا لِضَيَاعِ عُشْرِ أَوْ خَرَاجِ تِلْكَ الْأَرْضِ، وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ لَا يَكُونُ لِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ حَقٌّ بِادِّعَاءِ نُقْصَانِ الْأَرْضِ) إذَا غَابَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الْأَرَاضِيِ الْمُشْتَرَكَةِ وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ زِرَاعَتَهَا لَا تُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْأَرْضِ بَلْ نَافِعَةٌ لَهَا عَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَالشَّرِيكُ الْحَاضِرُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ زَرَعَ مِنْهَا بِمِقْدَارِ حِصَّتِهِ: مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً فَيَزْرَعُ النِّصْفَ وَإِذَا أَرَادَ الزِّرَاعَةَ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ فَيَزْرَعُ النِّصْفَ الَّذِي زَرَعَهُ فِي الْمَرَّةَ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ فِي سَنَةٍ طَرَفًا مِنْ الْأَرْضِ وَأَنْ يَزْرَعَ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى الطَّرَفَ الْآخَرَ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَزْرَعُ الْغَائِبُ عِنْدَ حُضُورِهِ نِصْفَهُ وَلَا يَجْرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلِلشَّرِيكِ الَّذِي فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ أَنْ يَزْرَعَ نِصْفَ الْأَرَاضِي الْمُشْتَرَكَةِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَإِنْ شَاءَ زَرَعَ كَامِلَ تِلْكَ الْأَرَاضِي لِأَنَّهُ إذَا زَرَعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ كَامِلَ الْأَرْضِ فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ أَنْ يَزْرَعَ تِلْكَ الْأَرْضِ تِلْكَ الْمُدَّةِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ وَفِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ لِلْغَائِبِ فَيُعَدُّ أَنَّهُ رَاضٍ بِذَلِكَ دَلَالَةً (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٨ ١) .
وَقَيْدُ (نَافِعٍ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُضِرًّا وَلَيْسَ احْتِرَازًا مِنْ حَالَةِ أَنْ لَا يَكُونَ نَافِعًا وَأَنْ لَا يَكُونَ مُضِرًّا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الزِّرَاعَةُ غَيْرَ نَافِعَةٍ وَلَكِنَّهَا لَا تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ وَلَمْ تَكُنْ مُضِرَّةً فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَزْرَعَ كَامِلَ تِلْكَ الْأَرْضِ أَيْ أَنَّ لِلشَّرِيكِ فِي الصُّورَتَيْنِ زِرَاعَةَ تَمَامِ الْأَرْضِ أَوْ لَا هُمَا فِي حَالَةِ كَوْنِ الزِّرَاعَةِ نَافِعَةً لِلْأَرْضِ، الثَّانِيَةُ فِي حَالَةِ أَنْ لَا تَكُونَ نَافِعَةً وَلَا مُضِرَّةً لَهَا (الْخَانِيَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ مِنْ الْغَصْبِ) . وَيُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ (نَافِعَةٌ) أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ وَالْمَضَرَّةُ مُتَسَاوِيَةً فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ، أَيْ كَانَتْ مِنْ جِهَةٍ مَنْفَعَةً فِي زِرَاعَتِهَا وَمِنْ جِهَةٍ مُضِرَّةً فَالظَّاهِرُ أَنْ لَا يَكُونَ حَقٌّ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ فِي زِرَاعَتِهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦ ٤) . (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى وَالطَّحْطَاوِيُّ) .
وَفِي حَالَةِ زِرَاعَةِ كُلِّ الْأَرْضِ لِلْغَائِبِ أَنْ يَزْرَعَ كُلَّ الْأَرْضِ عِنْدَ حُضُورِهِ بِقَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي زَرَعَهَا الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ، يَعْنِي مَثَلًا إذَا زَرَعَ الشَّرِيكُ الْحَاضِرُ الْأَرْضَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ فَلِلْغَائِبِ عِنْدَ حُضُورِهِ حَقٌّ فِي زِرَاعَتِهَا مُدَّةَ سَنَتَيْنِ. وَمَسْأَلَةُ الْمَجَلَّةِ هِيَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ اثْنَانِ وَالِاشْتِرَاكُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً، أَمَّا إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الِاشْتِرَاكُ مُنَاصَفَةً فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ بِمُوجَبِ ضَابِطِ ((تُعْتَبَرُ الْمُهَايَأَةُ بَعْدَ الْخُصُومَةِ)) الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٣ ٠ ١) يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْغَائِبِ حَقٌّ فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ تِلْكَ الْمُدَّةَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ اسْتَحْسَنَهَا مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَهَا فِي صُورَتَيْنِ:
الصُّورَةُ الْأُولَى - إذَا كَانَتْ الزِّرَاعَةُ تُوجِبُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ زِرَاعَةٌ أَيْ مِقْدَارٌ مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute