وَلِلْأَجْنَبِيِّ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ حَاصِلَةً بِسَبَبِ خَلْطِ أَوْ اخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ فَكُلُّ حَبَّةٍ مِنْ نِصْفِ الْمَخْلُوطِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا هِيَ مِلْكٌ لِأَحَدِهِمَا وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حِصَّةٌ فِيهَا، فَإِذَا بَاعَ حِصَّتَهُ لِغَيْرِ شَرِيكِهِ فَلَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ وَلَا تَسْلِيمُ حِصَّتِهِ إلَّا مَخْلُوطَةً بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهَا مُسْتَقِلًّا وَبِمَا أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّسْلِيمِ مَانِعٌ لِجَوَازِ الْبَيْعِ فَإِمْكَانُ التَّسْلِيمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ أَمَّا إذَا بَاعَهَا لِشَرِيكِهِ فَهُوَ جَائِزٌ لِاقْتِدَارِهِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْوَجْهُ الثَّانِي - إنَّ خَلْطَ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ عَلَى سَبِيلِ التَّعَدِّي هُوَ سَبَبٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ وَانْتِقَالِهِ عَنْ الْخَالِطِ. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (٧٨٨) فَإِذَا حَصَلَ هَذَا الْخَلْطُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ فَيَكُونُ سَبَبُ الزَّوَالِ وَالِانْتِقَالِ مَوْجُودًا مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ الْخَلْطُ وَغَيْرُ مَوْجُودٍ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ لِكَوْنِ الْخَلْطِ وَاقِعًا بِالْإِذْنِ وَبِغَيْرِ تَعَدٍّ، فَلِذَلِكَ قَدْ اُعْتُبِرَ فِي حَقِّ الْبَيْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنَّ حَقَّ كُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الْمَخْلُوطِ زَائِلٌ وَمُنْتَقِلٌ لِلْآخَرِ.
وَاعْتُبِرَ فِي حَقِّ الْبَيْعِ لِلشَّرِيكِ أَنَّهُ غَيْرُ زَائِلٍ وَغَيْرُ مُنْتَقِلٍ فَكَأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ قَدْ عَمِلَ بِالشَّبِيهَيْنِ. أَمَّا فِي الشَّرِكَةِ الْحَاصِلَةِ بِصُوَرِ الْمِيرَاثِ وَالشِّرَاءِ فَلَا يُوجَدُ سَبَبٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لِلشَّرِيكَيْنِ فَيَكُونُ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمًا فَلَهُ بَيْعُ حِصَّتِهِ لِشَرِيكِهِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ. سُؤَالٌ - وَالْعَمَلُ بِالشَّبِيهَيْنِ يَكُونُ أَيْضًا بِعَكْسِهِ أَيْ بِأَنْ يَعْتَبِرَ الْبَيْعَ لِلشَّرِيكِ غَيْرُ جَائِزٍ وَالْبَيْعُ لِلْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ فَلِمَاذَا جَوَّزَ الْبَيْعَ لِلشَّرِيكِ وَلَمْ يُجَوِّزْ لِلْأَجْنَبِيِّ؟ الْجَوَابُ - أَنَّ التَّصَرُّفَ مَعَ الشَّرِيكِ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ تَمْلِيكِ مُعْتَقِ الْبَعْضِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَجَوَّزَ تَمْلِيكَهُ لِلشَّرِيكِ وَكَذَا تَأْجِيرُ الْمُشَاعِ فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِلْأَجْنَبِيِّ وَجَائِزٌ لِلشَّرِيكِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٩ ٤) (الْكِفَايَةُ وَشَرْحُ الْهِدَايَةِ فِي الشَّرِكَةِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) .
يُوجَدُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٍ أُخْرَى غَيْرَ خَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ لَا يَجُوزُ فِيهَا الْبَيْعُ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ كَبَيْعِ الشَّيْءِ الَّذِي فِي بَيْعِهِ ضَرَرٌ لِلشَّرِيكِ أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي. مِثَالٌ لِلَّذِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِسَبَبِ ضَرَرِهِ لِلشَّرِيكِ - لَوْ كَانَتْ عَرْصَةٌ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْبِنَاءِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فِي الْبِنَاءِ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا بَاعَ بِنَاءَهُ بِشَرْطِ الْهَدْمِ فَعَلَيْهِ هَدْمُ حِصَّتِهِ وَتَفْرِيغُ الْعَرْصَةِ وَفِي هَذَا الْحَالِ ضَرَرٌ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حِصَّتَهُ وَإِذَا بَاعَهَا بِشَرْطِ التَّرْكِ وَالْإِبْقَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْبَيْعِ مَنْفَعَةٌ زَائِدَةٌ لِلْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الشَّرِكَةِ) .
مِثَالٌ لِلَّذِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِسَبَبِ ضَرَرِهِ لِلْمُشْتَرِي وَالشَّرِيكِ - وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الشَّرِيكَ إذْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ فِي هَذَا الْحَالِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي شَرِيكَهُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ، وَتَخْلِيَةِ الْعَرْصَةِ فَيَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي.
وَقَدْ جَاءَ فِي الطَّحْطَاوِيِّ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَبْطَخَةِ بِرِضَاءِ شَرِيكِهِ فَلَوْ ضَرَّهُ الْقَطْعُ لَمْ يَجُزْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute