إنَّ الِاخْتِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَبَيْنَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ هُوَ وَاقِعٌ فِي إنْشَاءِ التَّأْخِيرِ أَيْ التَّأْجِيلِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ مُؤَجَّلٌ لِمُدَّةِ كَذَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَإِقْرَارُ الْمُقِرِّ فِي حِصَّتِهِ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ (النِّهَايَةُ) . قِيلَ (الدَّيْنُ الَّذِي لَمْ يَتَرَتَّبْ بِعَقْدٍ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ) كَأَنْ يَرِثَ الشَّرِيكَانِ الدَّيْنَ الْمُعَجَّلَ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ بِإِقْرَاضِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَإِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ عَنَانًا وَأَجَّلَ الشَّرِيكُ الَّذِي بَاشَرَ الْإِقْرَاضَ الدَّيْنَ فَالتَّأْجِيلُ صَحِيحٌ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ كَتَأْجِيلِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ (الْبَحْرُ قُبَيْلَ فَصْلِ صُلْحِ الْوَرَثَةِ) .
لَاحِقَةٌ صُورَةُ طَلَبِ الدَّيْنِ مِنْ مَدِينِينَ مُتَعَدِّدِينَ لَاحِقَةٌ.
وَلَفْظُ (لَاحِقَةٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ اللِّحَاقِ، وَبِمَا أَنَّ عِنْوَانَ الْبَحْثِ مُتَعَلِّقٌ بِالدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ وَكَانَتْ الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْقَبِيلِ فَقَدْ رُئِيَ لُزُومًا تَفْرِيقُهَا بِعِنْوَانٍ مَخْصُوصٍ. إنَّ الْأَكْثَرَ فِي الدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّائِنُونَ مُتَعَدِّدِينَ وَالْمَدِينُ وَاحِدٌ، أَمَّا هَذِهِ الْمَادَّةُ فَهِيَ بِالْعَكْسِ فَالْمَدِينُونَ مُتَعَدِّدُونَ وَالدَّائِنُ وَاحِدٌ، فَلِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ قَدْ ذَكَرْتُ هَذِهِ الْمَادَّةَ فِي هَذَا الْفَصْلِ. الْمَادَّةُ (١٣ ١ ١) - (إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لِاثْنَيْنِ يُطَالِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَطْلُبُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِيَانِ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا) لَوْ تَرَتَّبَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ دَيْنٌ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ كَانَ هَذَا الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ، وَتَتَفَرَّعُ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ: مِنْ الْبَيْعِ: إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لِاثْنَيْنِ يُطَالِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى حِدَةٍ، وَلَا يَطْلُبُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِيَانِ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٧) ، مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو مَالًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِثَمَنٍ قَدْرُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ زَيْدًا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَعَمْرًا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِزِيَادَةٍ عَنْ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا كَأَنْ يَطْلُبَ مِنْ زَيْدٍ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ أَنْ يَطْلُبَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا مِنْ الْإِجَارَةِ: لَوْ أَجَّرَ أَحَدٌ مَالًا لِاثْنَيْنِ فَيَطْلُبُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حِصَّةً عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَطْلُبُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا فِي بَدَلِ الْإِيجَارِ الْمُتَرَتِّبِ فِي ذِمَّتِهِمَا. مِنْ الْقَرْضِ: لَوْ أَقْرَضَ أَحَدٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِاثْنَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ حِصَّتَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ أَحَدِهِمَا دَيْنَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُونَا كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا.
أَمَّا إذَا كَانَ الْمَدِينَانِ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْقَرْضِ أَيْ أَنَّهُ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فَيُطَالِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَصَالَةِ وَالْكَفَالَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا دَيْنَ الْآخَرِ وَلَمْ يَكْفُلْ الْآخَرُ الْأَوَّلَ فَيَطْلُبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute