يَسْتَهْلِكَ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ رَدَّ الْحِنْطَةِ الْمَذْكُورَةِ عَيْنًا فَلِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يُبْقِيَ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ، وَأَنْ يُسَلِّمَهُ مِثْلَهَا وَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَقُولَ: إنَّنِي أَطْلُبُ رَدَّهَا عَيْنًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَيَجِبُ رَدُّ الْمَقْرُوضِ عَيْنًا إذَا كَانَ لَمْ يَزَلْ فِي يَدِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَلَيْسَ لَهُ إعْطَاءُ مِثْلِهِ مَا لَمْ يَرْضَ الْمُقْرِضُ، كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُسْتَقْرِضُ مِنْ الْمُقْرِضِ الْحِنْطَةَ الَّتِي اسْتَقْرَضَهَا وَقَبَضَهَا فَالْبَيْعُ يَكُونُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَلَا يُوجِبُ نَقْضَ الْقَرْضِ، وَبِالْعَكْسِ لَوْ بَاعَ الْمُسْتَقْرِضُ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ لِلْمُقْرِضِ كَانَ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْبَزَّازِيَّةِ) ، كَذَلِكَ يَصِحُّ قَبْضُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَوْ الرَّسُولِ وَيَكُونُ كَقَبْضِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَعَلَيْهِ لَوْ أَرْسَلَ الْمُسْتَقْرِضُ خَادِمَهُ لِيَقْبِضَ الْمَقْرُوضَ مِنْ الْمُقْرِضِ، وَيُوَصِّلَهُ إلَيْهِ وَادَّعَى الْمُقْرِضَ أَنَّهُ أَدَّى الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلْخَادِمِ وَادَّعَى الْخَادِمُ بِأَنَّهُ قَبَضَ الْقَرْضَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُسْتَقْرِضِ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَلَا يُعَدُّ الْمُسْتَقْرِضُ مَدِينًا مَا لَمْ يَثْبُتْ قَبْضَ الْخَادِمِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُقْرِضُ أَيْضًا عَلَى الْخَادِمِ لِأَنَّ الْمُقْرِضَ يُقِرُّ وَيَصْدُقُ إنْ قَبَضَ الْخَادِمُ بِحَقٍّ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَقْرِضُ بِأَنَّ الْخَادِمَ قَدْ قَبَضَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُقْرِضِ فَيَلْزَمُهُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ. كَذَلِكَ لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا: (خُذْ لِي مِنْ فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا قَرْضًا) فَاسْتَقْرَضَ الْمَأْمُورُ الْمَذْكُورُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَبَضَهُ وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّنِي أَدَّيْتُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِآمِرِي وَأَنْكَرَ الْآمِرُ قَبْضَ الْمَأْمُورِ، فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ وَيَلْزَمُ الْمَأْمُورَ أَدَاءُ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ (الْبَزَّازِيَّةُ قَبْلَ الثَّانِي فِي الْبُيُوعِ) وَلَا يُصَدَّقُ بِالِاسْتِقْرَاضِ عَلَى الْآمِرِ إذَا أَنْكَرَ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ كِتَابًا بِالِاسْتِقْرَاضِ فَبَعَثَ الْقَرْضَ مَعَ مَنْ أَوْصَلَ الْكِتَابَ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ الْآمِرِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . إنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مُحْتَاجٌ لِلتَّدْقِيقِ. أَمَّا قَبْضُ الْمَأْمُورِ بِإِيصَالِ كِتَابِ الْقَرْضِ لِلْمُقْرِضِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَيْ لَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ طَالِبِ الْقَرْضِ، فَعَلَيْهِ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ لِصَرَّافٍ قَائِلًا فِيهِ: أَرْسِلْ لِي كَذَا مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ قَرْضًا، وَأَرْسَلَ الْكِتَابَ لِلصَّرَّافِ مَعَ شَخْصٍ فَأَرْسَلَ الصَّرَّافُ أَلْفَ دِرْهَمٍ مَعَ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِلْمُقْتَرِضِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ شَيْءٌ مَا لَمْ يَصِلْ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ إلَيْهِ أَيْ لَا يَكُونُ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ حَامِلَ الْكِتَابِ هُوَ رَسُولٌ لِتَبْلِيغِ الْكِتَابِ فَقَطْ وَلَيْسَ لِقَبْضِ الْقَرْضِ. أَمَّا إذَا كَانَ الرَّسُولُ رَسُولًا بِقَبْضِ الْقَرْضِ فَيَكُونُ قَبْضُهُ كَقَبْضِ الْمُرْسِلِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْبُيُوعِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْقَرْضِ) .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ - يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي الْمَالِ الْمَقْرُوضِ بِقَرْضٍ صَحِيحٍ قَبْلَ الْقَبْضِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ كَذَا كَيْلَةً حِنْطَةً وَأَمَرَ الْمُقْرِضُ أَنْ يَزْرَعَ الْحِنْطَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي مَزْرَعَتِهِ أَيْ مَزْرَعَةِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَزَرَعَ الْمُقْرِضُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْأَمْرِ فَالْقَرْضُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ الْمُسْتَقْرِضُ قَدْ قَبَضَ الْمَقْرُوضَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ الْبُيُوعِ) أَمَّا إذَا أَحْضَرَ الْمُقْرِضُ الْمَالَ الَّذِي أَقْرَضَهُ إلَى الْمُسْتَقْرِضِ وَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا. فَقَالَ لَهُ الْمُسْتَقْرِضُ: اطْرَحْهُ فِي الْمَاءِ فَطَرَحَهُ الْمُقْرِضُ فِي الْمَاءِ فَيَكُونُ قَدْ تَلِفَ مَالُ الْمُقْرِضِ وَلَا يَلْزَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute