الْمَبْحَثُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْقَرْضِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَقْرِضُ عَاقِلًا مُمَيِّزًا غَيْرَ مَحْجُورٍ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَقْرَضَ أَحَدٌ مَالًا لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ ضَمَانٌ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَقْرُوضُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الصَّبِيِّ فَلِلْمُقْرِضِ اسْتِرْدَادُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٥٧ ٩ و ٠ ٩٦) وَالْحُكْمُ فِي الْمَعْتُوهِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي الْقَرْضِ) ، أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ الْمَالَ الَّذِي قَبَضَهُ قَرْضًا فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الطَّرَفَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَلْزَمُهُ ضَمَانٌ، وَقَدْ صَحَّحَ قَوْلَهُ بِالْقَوْلِ (وَهُوَ الصَّحِيحُ) ، وَقَدْ فَصَّلْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَالِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٧٦) مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ وَالْمَادَّةِ (٦ ٩) مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ وَالْإِكْرَاهِ وَالشُّفْعَةِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - يُشْتَرَطُ فِي الْقَرْضِ بَيَانُ مَكَانِ التَّأْدِيَةِ وَيَتَعَيَّنُ مَحَلُّ الْقَرْضِ عَلَى أَنَّهُ مَكَانُ التَّأْدِيَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي السَّلَمِ) وَلَوْ أَقْرَضَهُ طَعَامًا بِشَرْطِ رَدِّهِ فِي مَكَانِ آخَرَ بَطَلَ الشَّرْطُ كَذَا فِي الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فَلِذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ فِي دِمِشْقَ مِنْ آخَرَ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً أَثْنَاءَ مَا كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ كَيْلَةٍ مِنْهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ تَلَاقَى الْمُقْرِضُ بِالْمُسْتَقْرِضِ فِي بَغْدَادَ وَطَلَبَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ الَّتِي أَقْرَضَهُ إيَّاهَا وَكَانَ سِعْرُ كَيْلَةِ الْحِنْطَةِ فِي بَغْدَادَ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَلَيْسَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يُجْبِرَ الْمُسْتَقْرِضَ عَلَى تَسْلِيمِ الْحِنْطَةِ لَهُ فِي بَغْدَادَ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ كَفِيلٌ عَلَى أَدَاءِ الْقَرْضِ فِي دِمِشْقَ (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الْقَرْضِ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَا يَبْطُلُ الْقَرْضُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَيَكُونُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لَغْوًا فَلِذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ سِكَّةً مَغْشُوشَةً عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ بَدَلَهَا سِكَّةً خَالِصَةً كَانَ الْقَرْضُ صَحِيحًا، وَالشَّرْطُ بَاطِلًا وَيَكُونُ الْمُسْتَقْرِضُ مَجْبُورًا عَلَى رَدِّ مِثْلِ الْمَقْبُوضِ. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً فِي دِمَشْقَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا فِي بَغْدَادَ كَانَ الْقَرْضُ صَحِيحًا وَالشَّرْطُ بَاطِلًا وَيَكُونُ الْمُقْتَرِضُ مَجْبُورًا عَلَى أَدَاءِ الْقَرْضِ فِي مَكَانِ الْقَرْضِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ (فِي حُكْمِ الْقَرْضِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ - يَمْلِكُ الْمُسْتَقْرِضُ الْمَقْرُوضَ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ بِالْقَبْضِ أَوْ بِقَبْضِ وَكِيلِهِ بِالْقَبْضِ أَوْ بِقَبْضِ رَسُولِهِ أَيْ بِنَفْسِ الْقَبْضِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ الْمُسْتَقْرِضُ لِأَنَّ الْقَبْضَ يُفِيدُ الْعَيْنَ فِي الْحَالِ حَيْثُ بِالْإِقْرَاضِ وَالتَّسْلِيمِ يَخْرُجُ الْمَقْرُوضُ مِنْ مِلْكِ الْمُقْرِضِ وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُسْتَقْرِضِ، وَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُقْرِضِ مِثْلَ الْمَقْرُوضِ لِلْمُقْرِضِ. فَلِذَلِكَ إذَا أَقْرَضَ أَحَدٌ آخَرَ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً وَسَلَّمَهَا لَهُ وَطَلَبَ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ قَبْلَ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute